للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومثله: من أفطر ناسيًا في صيام يشترط فيه التتابع، فقيل: لا يعذر بالنسيان، وينقطع تتابعه، بناءً على أن التتابع من المأمورات.

وقيل: يعذر، وهو الصحيح، بناءً على أن قطع التتابع من المنهيات، والمنهيات يعذر فيها بالنسيان (١).

• ويناقش:

بأن الفقهاء يتفقون في أن النسيان عذر في رفع الإثم، فالناسي لا إثم عليه، ويختلفون في سقوط الطلب في ترك الشرط ناسيًا على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يسقط الشرط بالنسيان مطلقًا، سواء أكان من جنس المأمورات أم كان من جنس المنهيات، فنسيان الطهارة كنسيان استقبال القبلة، كالصلاة في الثوب النجس، لا يسقط شيء منها بالنسيان، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، ومسألتنا هذه فرع من مسائل كثيرة؛ لأن النسيان من باب المانع، فإذا تذكر فقد زال المانع (٢).

ولأن الأفعال التي تسقط بالنسيان لا يحسن عدها من الشروط، كما أن واجبات الصلاة التي تسقط بالنسيان لا تسمى أركانًا، فالتشهد الأول وإن كان جزءًا من ماهية الصلاة، لا يختلف عن التشهد الثاني، إلا أنه حين سقط التشهد الأول بالنسيان، وجُبِر بسجود السهو، لم يعد من أركان الصلاة بخلاف الثاني على قول.

القول الثاني: التفريق بين المأمورات والمنهيات، فإذا صلى، وهو محدث ناسيًا لم يسقط بالنسيان، وإذا صلى ناسيًا نجاسة ثوبه صحت صلاته؛ فالأول من باب فعل المأمور، والثاني: من باب ترك المحظور.

القول الثالث: أن ما كان مأخذ الوجوب ليس قويًّا، وكان في وجوبه نزاع قويٌّ سقط بالنسيان، ولو كان من باب المأمورات، وما كان مأخذ وجوبه قويًّا لم يسقط، وإن كان من باب المنهيات.


(١) الفروق للقرافي (٣/ ٢٢٦).
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٧٤)، العناية شرح الهداية (١/ ٤٨٥)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٤٤١)، النهر الفائق شرح كنز الدقائق (١/ ٣١٦)، شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب (٢/ ٥٠٩)، العزيز شرح الوجيز (١/ ١١٨)، شرح الزركشي (٢/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>