للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبعضهم يلحق به الجهل، لحديث معاوية بن الحكم حين تكلم في الصلاة.

• وجه التفريق بينهما:

أن المقصود من المأمورات: إقامة مصالحها، وذلك لا يحصل إلا بفعلها. والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانًا للمكلَّفِ بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي، فعذر بالجهل فيه (١).

قال القاضي حسين: «ولأن تارك المأمور يمكنه تلافيه بإيجاد الفعل، فلزمه، ولم يعذر فيه، بخلاف المنهي إذا ارتكبه، فإنه لا يمكنه تلافيه؛ إذ ليس في قدرته نفيُ فعلٍ حصل في الوجود، فعذر فيه» (٢).

وهو معنى قول ابن تيمية في شرح العمدة: «الناسي والجاهل يجعل وجود ما فعله كعدمه؛ لأنه معفوٌّ عنه، فإذا كان قد فعل محظورًا، كان كأنه لم يفعله، فلا إثم عليه، ولا تلحقه أحكام الإثم، وإذا ترك واجبًا ناسيًا أو جاهلًا، فلا إثم عليه بالترك؛ لكنه لم يفعله، فيبقى في عهدة الأمر حتى يفعله، إذا كان الفعل ممكنًا» (٣). اه

وقد يتنازعون في بعض المسائل مثل أكل الصائم ناسيًا، أهو من باب فوات المأمور، لأن الإمساك هو الركن الوحيد المأمور به الصائم، فلا يوجد الصيام مع الأكل؛ لأنه ضده، كالحدث مناقض للطهارة، فإذا وجد، ولو سهوًا بطل، وهذا قول المالكية.

أم أن الأكل من باب ارتكاب المحظور، وهو قول الجمهور؟ (٤).


(١) انظر إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٣٤٣)، المنثور في القواعد الفقهية (٢/ ١٩)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٨٩).
(٢) المنثور في القواعد (٢/ ١٩).
(٣) شرح العمدة، كتاب الصلاة لابن تيمية (ص: ٣٤٣).
(٤) الاختيار لتعليل المختار (١/ ٢٢) تبيين الحقائق (١/ ٣٢٢)، وجاء في بدائع الصنائع (٢/ ١٠٠) عن أبي حنيفة أنه قال: لولا قول الناس، لقلت له يقضي.
وانظر: شرح الزرقاني على الموطأ (٢/ ٢٧٨)، القوانين الفقهية (ص: ٨٣)، المنتقى للباجي (٢/ ٦٥)، الأم (٧/ ١٥٣)، إحكام الأحكام (٢/ ١١)، فتح الباري لابن حجر (٤/ ١٥٦)، المجموع (٦/ ٣٢٤)، الكافي لابن قدامة (١/ ٤٤٢)، المغني (٣/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>