للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الرابع:

الإجماع على أن استقبال الكعبة شرط لصحة الصلاة.

قال ابن تيمية: «استقبال الكعبة البيت الحرام شرط لجواز الصلاة وصحتها، وهذا مما أجمعت الأمة عليه» (١).

وقال النووي في المجموع: «استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في الحالين المذكورين -يعني في شدة الخوف، وفي النافلة في السفر- وهذا لا خلاف فيه بين العلماء من حيث الجملة» (٢).

ونفي الخلاف إن كان راجعًا إلى حال الخوف، والنافلة في السفر فمسلم، وإن كان راجعًا إلى قوله: استقبال القبلة شرط، فقد علمت أن مذهب الشافعية فيه وجهان، أحدهما: أن الاستقبال ركن، وكان النووي ممن نقل لنا الخلاف في الروضة والمجموع، ووثقت ذلك في الأقوال، والله أعلم.

كما حكي الإجماع على أن من ترك الاستقبال في صلاة الفريضة مع القدرة على الاستقبال، ولم يكن خائفًا، أن صلاته باطلة.

قال ابن عبد البر: «أجمع العلماء أن القبلة التي أمر الله نبيه وعباده بالتوجه


= فللزيادة من الحافظ، وأما الرواية الأخرى: فللكثرة، ولأن سعيدًا لم يوصف بالتدليس، وقد ثبت سماعه من أبي هريرة، ومن ثم أخرج الشيخان الطريقين».
وهذا الاختلاف لا يضر الحديث؛ لأن غاية ما يمكن أن يقال: إن رواية سعيد بن أبي سعيد هذا الحديث، عن أبي هريرة مرسلة، فقد تبين لنا الواسطة برواية يحيى بن سعيد القطان، وأن الواسطة هو أبوه، فزال الإشكال.
وإنما النظر في زيادة المتن، فقد رواه الجماعة عن عبيد الله بن عمر بذكر الأمر باستقبال القبلة، ولم يذكر ذلك يحيى، وأراها زيادة من ثقة، حيث رواها جماعة عن عبيد الله بن عمر، والله أعلم.
ولو تعين الترجيح سبيلًا بين الطريقين لم أجعل المقارنة بين الجماعة وبين يحيى بن سعيد القطان، وإنما سأذهب إلى تخطئة سعيد بن أبي سعيد، حيث حدث به مرة عن أبي هريرة بلا واسطة، وحدث به أخرى بذكر واسطة بينه وبين أبي هريرة، وليس هذا من قبيل التدليس، وإنما قد يكون من قبيل الوهم الذي لا يعصم منه أحد، وهي علة غير مؤثرة كما بينت، والله أعلم.
(١) شرح العمدة، كتاب الصلاة (ص: ٥٢١).
(٢) المجموع (٣/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>