للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القول الثاني:

أن التوجه لبيت المقدس من النبي -كان عن أمر من الله له بذلك، وبه قال ابن عباس (١).


= في القبلة، فصلى كل رجل منا على حدة، وجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا، فذكرنا ذلك للنبي ، فلم يأمرنا بالإعادة، وقال: قد أجزأت صلاتكم. ولم يربط ذلك بنزول الآية.
قال الدارقطني: كذا قال: عن محمد بن سالم، وغيره قال: عن محمد بن يزيد، عن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عطاء، وهما ضعيفان.
وقال الحاكم: هذا حديث محتج برواته كلهم غير محمد بن سالم، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح، وقد تأملت كتاب الشيخين، فلم يخرجا في هذا الباب شيئًا.
قلت: محمد بن سالم: قال فيه النسائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه.
وقال أحمد: شبه متروك.
وقد رواه البيهقي (٢/ ١٦) من طريق موسى بن مروان الرقي (مقبول)، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن عبيد الله (العرزمي) عن عطاء بن أبي رباح به.
ورواه البيهقي في السنن (٢/ ١٨) من طريق الحارث بن نبهان (متروك)، عن محمد بن عبيد الله به.
والعرزمي حدث عنه شعبة وسفيان، وقال فيه أحمد: ترك الناس حديثه. وقال يحيى: لا يكتب حديثه.
وقال البيهقي في السنن (٢/ ١٨): لا نعلم لهذا الحديث إسنادًا صحيحًا قويًّا، وذلك لأن عاصم بن عبيد الله بن عمر العمري، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، ومحمد بن سالم الكوفي كلهم ضعفاء، والطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة وغيرها. وانظر تنقيح التحقيق (٢/ ٩١).
القول الثالث: أنها نزلت في ابتداء الإسلام، حين لم تكن القبلة معلومة، وجازت الصلاة إلى أي جهة شاءوا. فعلى هذا تكون الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، [البقرة: ١٤٤] قال السمعاني في تفسيره (١/ ١٢٩): وهذا قول غريب.
القول الرابع: أنها محكمة، وأن اليهود حين حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، قالوا: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ [البقرة: ١٤٢] فأنزل الله رَدًّا عليهم: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾، [البقرة: ١١٥] فبين الله لليهود أن له أن يتعبد عباده بما شاء، فإن شاء أمرهم بالتوجه إلى بيت المقدس، وإن شاء أمرهم بالتوجه إلى الكعبة.
وقيل فيها غير ذلك، راجع الأقوال التي قيلت في تفسير هذه الآية في كل من تفسير الطبري (٢/ ٤٥٢)، وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ٢١١)، وتفسير القرطبي (٢/ ٧٩)، وتفسير ابن كثير ت سلامة (١/ ٣٩٢)، ونواسخ القرآن (ص: ٤٠).

(١) أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٠٥). «وقال ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص: ٤٥): فأما التوجه إلى بيت المقدس فاختلف العلماء؛ هل كان برأي النبي واجتهاده، أو كان عن وحي؟ فروي عن ابن عباس وابن جريج أنه كان عن أمر الله تعالى».

<<  <  ج: ص:  >  >>