للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قولهم بوجوبها، وهي من المأمورات، ومثله اشتراط ستر العورة، وليس هذا غفلة من الفقهاء بأن هذه المسائل من باب فعل المأمور، وإنما السبب في ذلك أن كل مأمور قال الفقهاء بسقوطه بالنسيان، فإن هذا دليل على ضعف مأخذ الوجوب عندهم، فهم يحتاطون من الناحيتين فيقولون بوجوبه قبل الفعل ويسقطونه بالنسيان لعدم قوة القول بالوجوب.

فاشتراط ستر العورة: إن اعتبر من باب المأمورات، فقد أسقطه بعض المالكية بالنسيان؛ لضعف مأخذ الوجوب عندهم، وقد نقلت كلام الفقهاء في هذه المسألة عند الكلام على سقوط ترتيب الفوائت بالنسيان فارجع إليه.

المنزع الثاني: أن هناك من يعتبر كشف العورة من باب ترك المحظور، فسقوطه بالنسيان جار على القواعد:

• وحجتهم على اعتباره من باب فعل المحظور:

أن ستر العورة هي حال ملازمة للمسلم حتى قبل أن يصلي، فإذا كشف عورته فقد وقع في المحظور، كما أن طهارة الثوب لم تعتبر من فعل المأمور؛ لأن الأصل أن ثياب المسلم طاهرة، فإذا تنجس فقد وقع في المحظور.

ولأن ما كان من باب فعل المأمور تجب له النية كالصلاة، وما كان من باب ترك المحظور لم تجب له النية كالتخلي عن النجاسات، وترك الزنا.

ويشكل عليه أن بعض المأمورات لا تجب له النية، وهو ملحق بالمأمورات، كاستقبال القبلة، إلا أن يقال: إن استقبال القبلة ليس هو الأصل في حال المصلي، كستر العورة وطهارة الثوب،، والله أعلم.

فعلى كل حال إن اعتبرنا ستر العورة من باب فعل المأمور فقد علمتَ مأخذ سقوطه بالنسيان، وهو أن كل واجب قيل بسقوطه بالنسيان فهو دليل على ضعف مأخذ الوجوب عند الفقهاء.

وإن اعتبرنا كشف العورة من باب المحظور، فيكون وجه سقوطه بالنسيان جاريًا على القواعد، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>