للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حتى أخبره جبريل بذلك، وهو في الصلاة، فنزعهما، وبنى على صلاته (١)، بخلاف فعل المأمور فإنه حين رأى رجلًا في قدمه لمعة لم يصبها الماء، قال: ارجع فأحسن وضوءك (٢).

وقال -للمسيء صلاته كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ.

والفرق بين المأمورات والمنهيات من حيث المعنى:

أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها، وذلك لا يحصل إلا بفعلها، والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها، امتحانًا للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي، فعذر بالجهل فيها.

ذلك أن فعل الناسي والجاهل يجعل وجوده كعدمه؛ لأنه معفو عنه، فإذا كان قد فعل محظورًا كان كأنه لم يفعله، فلا إثم عليه، ويصبح فعله العبادة كأنها خالية من فعل المحظور.

وإذا ترك واجبًا ناسيًا أو جاهلًا فلا إثم عليه بالترك، لكنه إذا صار في حكم من لم يفعله يبقى في عهدة الأمر حتى يفعله إذا كان الفعل ممكنًا، وبهذا يظهر الفرق بين ستر العورة واجتناب النجاسة.

• ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

أن من أسقط ستر العورة بالنسيان فله منزعان:

المنزع الأول: أن هناك بعض المأمورات قال الفقهاء بسقوطها بالنسيان، كالتسمية في الوضوء، قال الحنابلة: تجب بالذكر، وتسقط بالنسيان.

وقول الأئمة الأربعة عن سقوط الترتيب بين الفوائت بالنسيان، ومثلها التسمية على الذبيحة، فإن المالكية والحنابلة وبعض الفقهاء أسقطوا التسمية بالنسيان مع


(١) سبق ذكره مسندًا قبل سطور.
(٢) مسلم (٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>