• وجه القول بأنه يستتر ويبني مطلقًا:
أن هذا التحرك لمصلحة الصلاة فاغتفر، وإنما يبطل الصلاة الحركة الكثيرة المتصلة لغير مصلحة الصلاة، فإن كانت يسيرة، أو كثيرة متفرقة، أو كثيرة متصلة لمصلحة الصلاة، فلا تبطلها، والله أعلم، وسوف يأتينا إن شاء الله تعالى موقف الفقهاء من الحركة الأجنبية في الصلاة.
• وجه القول بإكمال صلاته عاريًا:
أن دخوله في الصلاة كان مأذونًا فيه، وطلب السترة البعيدة سيترتب عليه إبطال العبادة، وما شرع فيه من العبادات على وجه مأذون فيه لا يصح إبطاله.
• وأما وجه استحباب الإعادة في الوقت على أحد القولين:
فهذا بناء على أصل عند المالكية فرعوا عليه مسائل كثيرة، وقد ناقشته فيما مضى، وبينت أنهم تارة يرون الإعادة في الوقت في ترك كل واجب للعبادة، ليس شرطًا ولا ركنًا فيها.
ويكون التعليل عندهم: إما لجبر النقص الذي حصل بترك الواجب، أو مراعاة الخلاف (١).
وكلا التعليلين قائمان في مسألتنا هذه.
ولم تجب الإعادة؛ لأن المتروك ملحق بالواجبات، وإنما تجب الإعادة أبدًا لو كان المتروك شرطًا أو ركنًا في العبادة على قواعد المشهور من مذهب المالكية.
ويشكل عليه أن الإعادة بنية الفرض، فكيف يكون فعل الصلاة على جهة الاستحباب، فالنية ومفعولها لا يتفقان حكمًا؟
ولأنه يصلي الأولى بنية أنها فرضه، ثم يصلي الإعادة بنية أنها فرضه، فيكون صلى الفرض مرتين، ولا يخرجهم من ذلك قولهم: إن الإعادة مستحبة، ولا قولهم: إن له أحدهما، والتعيين ليس للعبد.
وبعضهم يرى الإعادة في الوقت دليلًا على أن المتروك مستحب، وليس بواجب، ويكون تعليل الإعادة: طلبًا للكمال ما دام الوقت قائمًا.
قال القرطبي: «الكمال يستدرك في الوقت استدلالًا بالسنة فيمن صلى وحده،
(١) انظر التوضيح شرح مختصر خليل (١/ ٥٢).