للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

فاحتاط النبي -لعورة النظر من قبل النساء خاصة، فأمرهن بتأخير المتابعة المستحبة احتياطًا للنظر، ولم يحتط لعورة الصلاة، حيث لم يأمر الرجال بالصلاة جلوسًا، ولم يأمرهم بالاتزار فقط بدلًا من جعل الثوب مع ضيقه يقوم مقام الإزار والرداء، ويغطي قدرًا من البطن والصدر لا يضر المصلي كشفه، مع أنه -أرشد جابرًا بقوله: (وإن كان ضيقًا فاتزر به) رواه البخاري، فدل الحديث على أن القيام والركوع والسجود أهم من ستر العورة.

الدليل الثالث:

أن الصلاة غاية وهي تتكون من مجموع أركانها، والشروط تابعة ووسيلة إليها، فإذا تعارض تحصيل الغاية بتحصيل الوسيلة والتابع قدمت الغاية؛ فلا يضيع شيء من أركان الصلاة من أجل تحصيل توابعها (١).

قال إمام الحرمين: «الصلاة هي العبادة المقصودة، والشرائط تجب لها، فلا ينبغي أن يُخل بالأركان رعايةً لشرطٍ، ثم العري لا يزول كله بالقعود» (٢).

هذا وجه من وجوه تقديم الأركان على ستر العورة.

ونظر القرافي المالكي إلى وجه آخر من وجوه الترجيح وهو تقديم المتفق عليه على المختلف فيه، قال في الذخيرة: «النصوص الدالة على وجوب الركوع والسجود وأنها أركان متفق عليها، والسترة شرط مختلف فيه، والأركان مقدمة على الشروط، والمجمع عليه مقدم على المختلف فيه» (٣).

الدليل الرابع:

على القول باستواء الركن والشرط، فإنه لا يَحْسُنُ أن يُسْقِطَ الإنسان ثلاثة أركان من أجل تحصيل فرض واحد، هذا على التسليم باستوائهما على ضعفه.


(١) الذخيرة للقرافي (١/ ٤٧٨).
(٢) نهاية المطلب (١/ ٢٠٥).
(٣) الذخيرة للقرافي (٢/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>