للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا يعني أنه لو اشتمل بردائه اشتمال الصماء إلا أن تحته ثوبًا جاز ذلك بلا كراهة؛ لأن شقه لن ينكشف في هذه الحالة، وسوف يأتينا إن شاء الله تعالى مناقشة حكم هذه المسألة.

وهذا الذي انكشف من المصلي إنما هو أحد جنبيه، فيبدو منه الفخذ والورك.

فمن رأى أن الورك وبعض الفخذ من عورة الصلاة كما هو قول الجمهور، فسيذهب إلى تحريم هذا الاشتمال إذا أدى إلى انكشاف مثل ذلك، أو إلى كراهته إن خشي منه كشف العورة (١).

ومن رأى أن العورة هي الفرج خاصة، كما هو رأي بعض المالكية وبعض الحنابلة فسيذهب إلى الكراهة؛ لأن انكشاف مثل ذلك قد يفضي إلى انكشاف العورة، وما قرب من العورة فهو حريم لها، وما كان مظنة انكشاف العورة فحقه الكراهة، وسبق تحرير الخلاف هل الفخذ من عورة الصلاة، أو ليس بعورة؟

والراجح عند الحنابلة أن النهي عن اشتمال الصماء ليس خاصًا بالصلاة،

قال في الفروع: «ولما نهى النبي -عن اشتمال الصماء لم يقيده بالصلاة، وقرنه بالاحتباء، فظاهر ذلك لا يختص بالصلاة» (٢).

العلة الثانية: أن اشتمال الصماء هو الاضطباع، وهو مكروه في الصلاة:

وعلة الكراهة ألكونه في ثوب واحد مما قد يبدو أحد شقيه فتبدو منه عورته، كما هو قول أكثر الفقهاء، فتكون هذه العلة نفس العلة السابقة.

أم نَهَي عنه؛ لأن الاضطباع في الصلاة مكروه، ولو كان عليه إزار، وجواز الاضطباع في طواف القدوم، لا يعني عدم كراهته في الصلاة، كما هو مذهب المالكية، وقول في مذهب الحنابلة؟

جاء في حاشية الدسوقي: «ولعله أراد بالصماء ما يشمل الاضطباع: أي لأن كُلًّا منهما مكروه في الصلاة إن كان معه ساتر، وإلا منع» (٣).


(١) انظر الذخيرة للقرافي (١٣/ ٢٦٣)، الفوكه الدواني (٢/ ٣١١)، المبدع (١/ ٣٣١)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٤٤).
(٢) الفروع (٢/ ٥٩).
(٣) الشرح الكبير (١/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>