للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والتصرف لا تَعَلُّقَ له بالصلاة.

وكذا قوله (إلا أن يخالف بين طرفيه على عاتقه) فإنه يدل على أن المعنى الاحتياط للعورة لئلا تنكشف، وذلك يُؤْمَنُ بالمخالفة بين طرفيه وربطه على عاتقه بخلاف تفسير أهل اللغة فإن المخالفة بين طرفيه على عاتقه لا يزيده إلا شدة وتقييدًا، والله أعلم (١).

ورغم أن لفظة (إلا أن يخالف بين طرفيه) فيها تفرد من حديث أبي هريرة من النهي عن بيعتين ولبستين، فقد يكون اختلط على همام حديث النهي عن بيعتين ولبستين بحديث آخر لأبي هريرة، لا دخل له في حديث اشتمال الصماء.

رواه البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة

عن أبي هريرة، بلفظ: من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه (٢).

(ح-٨٠٦) كما روى البخاري ومسلم من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عمر بن أبي سلمة، قال: رأيت رسول الله -يصلي في ثوب واحد مشتملًا به في بيت أم سلمة واضعًا طرفيه على عاتقيه.

وفي رواية لهما: قد خالف بين طرفيه (٣).

وهذا دليل على أن اشتمال الصماء لا يقصد منه النهي عن مطلق الاشتمال، وإنما يراد به النهي عن اشتمال مخصوص، وذلك بأن يشتمل في ثوب واحد، ويضع طرفي ثوبه على أحد عاتقيه، ويبقى منكبه وأحد شقيه عاريًا، قد ترى منه عورته، وقد يسقط ثوبه عنه، فإذا خالف بين طرفيه، لم يَبْقَ أحد منكبيه مكشوفًا، وكان أوثق لثوبه عن السقوط، وأستر لعورته، والله أعلم.

وإذا قدمنا في تعريف صفة الاشتمال تأويل الفقهاء، بقي علينا أن نعرف علة النهي عن هذه الصفة على هذا التأويل، وقد ذكر الفقهاء مجموعة من العلل، منها:

العلة الأولى: انكشاف أحد شقيه، مما قد تبدو منه عورته.


(١) انظر طرح التثريب (٦/ ١٠٤).
(٢) صحيح البخاري (٣٥٦، ٣٦٠)، وصحيح مسلم (٥١٧).
(٣) صحيح البخاري (٣٥٤)، وصحيح مسلم (٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>