وهذا الخلاف يرجع إلى الاختلاف في تفسير السدل، هل المرجع فيه إلى اللغة، فكل ما صدق عليه أنه سدل دخل فيه، أو أنه محمول على سدل خاص؟
فمن رجع إلى اللغة وجد أن كثيرًا من هذه المعاني المختلفة تحتملها اللغة؛ لأن مدارها على تفسير السدل بمعنى الإرسال، فإن كان في اليدين فهو خلاف ضمهما، وإن كان في الشعر، فهو خلاف الفرق، وإن كان في الثياب فهو في إرخائها، وإرسالها، فيدخل فيه إرسال الرداء على جوانبه أو من وراء ظهره، ويدخل فيه إرسال الثوب وسدله حتى يمس الأرض، وليس أحد هذه التفسيرات مبطلًا للآخر ما دام أن المرجع في التفسير إلى اللغة، واللغة تحتمل كل ذلك، فتكون هذه التفسيرات من قبيل المشترك، والمشترك يحمل على جميع معانيه؛ وقد تقدم قول ابن فارس في مقاييس اللغة في تفسير السدل، والله أعلم.
ومنهم من فسر السدل بأنه يراد به سدل خاص، فلا يدخل فيه كل سدل للثياب، وهو ظاهر تعليل الصحابة بأن النهي من أجل التشبه باليهود، فيتعين قول من قال: هو في وضع الرداء على الرأس أو الكتف وسدله على الجانبين، وليست العلة انكشاف العورة بحيث إذا كان تحت الرداء قميص فلا بأس بالسدل، بل يكون منهيًّا عنه في الصلاة مطلقًا، والله أعلم.
وأضعف هذه التفسيرات قول ابن الأثير ﵀، بأنه يراد به الالتحاف في الثوب بحيث تكون يداه داخل الثوب فهذا يعد عندهم من اشتمال الصماء، وليس من السدل، والله أعلم بالصواب.
وأما إدخال بعض الحنفية السدل بطرح القباء على الكتفين، وإرسال الكُمَّيْنِ، فهذا مبني على تفسير السدل باللغة، وقد كرهه الحنفية، ونص على جوازه ابن تيمية، وكل من تكلم فيه من الحنابلة أحالوا القول بعدم الكراهة على ابن تيمية.
فقد سئل ابن تيمية ﵀: هل طرح القباء على الكتفين من غير أن يدخل يديه في أكمامه مكروه؟
فأجاب بقوله: «لا بأس بذلك باتفاق الفقهاء، وقد ذكروا جواز ذلك، وليس