لا يوجد دليل يدل على اشتراط النية في الأذان، والأصل عدم الاشتراط.
الدليل الثاني:
أن النية مشروعة لتمييز العبادات من العادات، ولتمييز العبادات بعضها من بعض، وأما العبادة التي لا تكون عادة، ولا تلتبس بغيرها؛ لكونها عبادة خالصة، لا تشترط فيها النية، وذلك كالإيمان بالله تعالى، ومعرفته، والخوف منه، والرجاء فيه، وقراءة القرآن، والأذكار؛ لأنها متميزة بصورتها؛ والأذان مثلها.
الدليل الثالث:
أن كل فعل تكون صورة فعله كافية في تحصيل مصلحته فلا تشترط له النية، ومن ذلك الأذان فإن الإعلام به حاصل بمجرد فعله في الوقت، سواء أنوى المؤذن الأذان أم لم يَنْوِ، وإنما النية لتحصيل الثواب، لا لصحة الأذان.
• حجة من قال: تشترط النية في الأذان:
الدليل الأول:
الأذان من أعظم القرب، وشعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، الذي إذا تركها أهل بلد وجب قتالهم في أحد قولي أهل العلم، وهو العلامة الفارقة بين دار الإسلام ودار الكفر، ويتعلق بأعظم العبادات العملية في الإسلام، وإذا كانت عبادته بهذه المنزلة افتقر فعله إلى نية.
• ويناقش:
بأن ترتيب الثواب على النية لا نزاع فيه، ولكن النقاش بترتيب الصحة عليها،
= النية معتبرة في الأذان، فإن أراد أن يؤذن فغلط فأقام لم يكن ذلك أذانًا من حيث الصفة، ولا ينبغي أن يعتد به إقامة؛ لأنه لم يقصد به الإقامة، وإن أراد أن يقيم فأذن لم يكن ذلك إقامة من حيث الصفة، ولا ينبغي أن يصلي بغير إقامة، وقال قبله من أخذ في ذكر الله بالتكبير، ثم بدا له عقب ما كبر أن يؤذن، فإنه يبتدئ الأذان، ولم يقل أحد: إنه يُبْنَى على تكبيره الذي من غير قصد أذان، فبان بذلك أن النية معتبرة فيه انتهى». وانظر الفواكه الدواني (١/ ١٧٤).