للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإذا لم يَنْوِ الأذان لم يحصل له أجره، ولكن حصول المقصود من الأذان، وهو العلم بدخول الوقت ليس متوقفًا على النية، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-٨٧) ما رواه البخاري من طريق أيوب، عن أبي قلابة،

عن مالك بن الحويرث، أتيت النبي في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيمًا رفيقًا، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا، قال: ارجعوا فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (فليؤذن لكم أحدكم) دليل على أن الأذان لا يصح من كافر، ولو كان الأذان لا يحتاج إلى نية لصح ذلك من الكافر.

• ويناقش:

بأن اشتراط الإسلام ليس سببه افتقار الأذان إلى النية، وإنما لأن الأذان خبر، ومن شروط قبول الأخبار العدالة عند الجمهور، فإن أذن الفاسق تبعًا لغيره صح أذانه، وسوف يأتينا إن شاء الله مناقشة أذان الفاسق في مبحث مستقل.

• الراجح:

إذا أَذَّن المؤذن وقد وقع فعله في الوقت، ولم يَنْوِ به الأذان كما لو نوى أن يختبر مكبر الصوت، أو نوى تجريب صوته، أو حكاية الأذان، أو لم يَنْوِ شيئًا، لم يحصل له أجر الأذان، وهذا ينبغي ألا يكون محل خلاف؛ لأن ثواب الأعمال متوقف على النية: (وإنما لكل امرئٍ ما نوى).

وحصول المقصود منه، وهو الإعلام بدخول وقت الصلاة لا يتوقف على النية، ذلك أن الناس لا يعلمون عن نية المؤذن، هل نوى بأذانه إخبارهم، أو نوى به شيئًا آخر؟ فإذا وقع الأذان من المؤذن بالوقت حصلت هذه الفائدة للناس، نوى أو لم يَنْوِ.

ولأن الناس يعلمون بدخول وقت الصلاة من خلال الأجهزة الذكية التي


(١) صحيح البخاري (٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>