للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فاتزر به أن يضع عمامته على عاتقيه.

ولو كان المقصود الزينة لأمر بستر كامل المنكب، ولم تَأْتِ لفظة (شيء) في قوله: (وليس على عاتقيه منه شيء) والتي يحصل فيها المراد بوضع أدنى شيء من الثوب، ولو كان الهدف الزينة لكان هناك ما هو أولى بالستر من المنكب كالبطن والصدر، فلو قدر أن الرجل أخذ طرفًا من إزاره على هيئة حبل، فوضعه على عاتقيه مخالفًا بين طرفيه صدق عليه أنه صلى في ثوب واحد على عاتقيه منه شيء، مع أنه قد كشف أكثر بطنه وصدره فهل هذا قد أخذ زينته للصلاة؟

والخلاصة: أن الحديث أمر أن يضع شيئًا من ثوبه على عاتقيه مهما يَقِلَّ، مخالفًا بين طرفي الثوب إذا صلى في ثوب واحد؛ حتى لا يسقط ثوبه في أثناء الصلاة، فتنكشف عورته، وليس ذلك لمعنى يتعلق بالعاتق، فلم يؤمر بستر العاتق كما يتصور، فليس العاتق بأولى من الصدر والبطن، والله أعلم.

الدليل الرابع:

دل الإجماع على أن شعر المرأة عورة في الصلاة، ولو صلت وحدها، وإن كان لا يحرم النظر إليه من المحارم، فكان ستره من باب الزينة للصلاة.

قال ابن رجب: «المرأة الحرة لا تصح صلاتها دون خمار، مع أنه يباح لها وضع خمارها عند محارمها، فدل على أن الواجب في الصلاة أمر زائد على ستر العورة التي يجب سترها عن النظر» (١).

• ويناقش:

بأن ستر المرأة رأسها، ليس من باب الزينة، فالزينة في كشفه أظهر، وإنما أبيح كشفه للمحارم تخفيفًا ورحمة؛ إذ لو وجب ستره لَلَحِقَ بذلك حرج ومشقة لوجودهم في البيت، وتكرار دخولهم على محارمهم، والمشقة تجلب التيسير، فإذا صلت غطت رأسها؛ لكونه عورة في حق الأجانب، فلا يسلم القول بأن شعر المرأة ليس عورة في النظر، وهو عورة في الصلاة، بل هو عورة في النظر واستثني


(١) فتح الباري لابن رجب (٢/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>