للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن بطال في شرح البخاري: «إنما أمر الرسول من صلى في ثوب واحد أن يجعله على عاتقيه إذا لم يكن متزرًا؛ لأنه إذا لم يكن متزرًا لم يأمن أن ينظر من عورة نفسه في صلاته، فإذا جعله على عاتقيه وخالف بين طرفيه أمن من ذلك، واستترت عورته» (١).

وقيل: أمر بذلك لئلا يسقط ثوبه عنه، فإن أمسكه بيده شغله ذلك عن سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى، ووضع اليدين على الركبتين ونحوها، وهذا مذهب الشافعية، وبه قال المازري من المالكية (٢).

وهذا التعليل أقوى؛ لأن الأمر بستر العاتق جاء مقيدًا بما إذا صلى بالثوب الواحد، ولو كان ستر العاتق مقصودًا لذاته لجاء الأمر به مطلقًا، سواء أصلى في ثوب واحد أم أكثر، فكان الأمر بستر العاتق حتى لا يسقط الثوب، فتنكشف العورة (٣).

(ح-٧٧٣) ولذلك روى الحديث البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة عن أبي هريرة، بلفظ: من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه (٤).

فالمراد من مخالفة طرفي الثوب من أجل شده؛ لئلا يسقط فتنكشف عورته، وليس من أجل تحقيق ستر المنكب، فالمنكب وسيلة لشد الثوب ليمنع سقوطه، وليس وضع الثوب على العاتق غاية بذاته، ولذلك لم يؤمر من كان إزاره ضيقًا


(١) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٢).
(٢) إكمال المعلم بشرح فوائد مسلم (٢/ ٤٣١)، شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ٢٣١).
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (١/ ٣٠١): «هذا النهي معلل بأمرين:
أحدهما: أن في ذلك تعري أعالي البدن، ومخالفة الزينة المسنونة في الصلاة.
والثاني: أن الذي يفعل ذلك إما أن يشغل يده بإمساك الثوب أو لا.
فإن لم يشغل خيف سقوط الثوب، وانكشاف العورة. وإن شغل كان فيه مفسدتان.
إحداهما: أنه يمنعه من الإقبال على صلاته، والاشتغال بها.
الثانية: أنه إذا شغل يده في الركوع والسجود لا يؤمن من سقوط الثوب، وانكشاف العورة».
(٣) إكمال المعلم بشرح فوائد مسلم (٢/ ٤٣١)، شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ٢٣١).
(٤) صحيح البخاري (٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>