للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حكم تكليفي، والبطلان والشرطية حكم وضعي، ولا تلازم بينهما، ولو كان اجتناب النجاسة في الثياب شرطًا للصحة لجاء الدليل الصحيح الصريح على بطلان صلاته، والأمر بإعادتها، كما قال للمسيء في صلاته ارجعْ فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ، وكما قال في الحدث: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ.

الدليل السابع:

القياس على الطهارة من الحدث، فإذا كانت الطهارة من الحدث شرطًا، فإن الطهارة من الخبث كذلك، لأنها إحدى الطهارتين.

• وأجيب:

بأن هناك فرقًا بين الطهارة من الحدث والطهارة من الخبث، فلا يصح القياس مع وجود الفارق، فمن ذلك:

أولًا: طهارة الحدث من باب فعل المأمور، وأما طهارة الخبث فمن باب ترك المحظور.

ثانيًا: طهارة الحدث تشترط لها النية على الصحيح خلافًا للحنفية، بخلاف طهارة الخبث فهي من باب التروك لا تشترط لها النية كترك الزنا والخمر ونحوها.

وقد حكى جماعة الإجماع على أن طهارة الخبث لا تحتاج إلى نية، منهم القرطبي في تفسيره (١)، وابن بشير وابن عبد السلام من المالكية (٢)، والبغوي، وصاحب الحاوي من الشافعية (٣).

ثالثًا: طهارة الحدث تعبدية محضة غير معقولة المعنى، فبدن المحدث وعرقه وريقه طاهر، بخلاف طهارة الخبث فهي طهارة معللة بوجود النجاسة الحسية.

رابعًا: طهارة الحدث الصغرى تختص بأعضاء مخصوصة، ربما ليس لها علاقة بالحدث، فالحدث: الذي هو البول والغائط موجب لغسل الأعضاء الأربعة الطاهرة،


(١) تفسير القرطبي (٥/ ٢١٣).
(٢) مواهب الجليل (١/ ١٦٠).
(٣) المجموع (١/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>