للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويناقش هذا الرد من وجهين:

الوجه الأول:

لا نسلم أن الله اشترط في السترة أن تكون مباحة، فتحريم لبس الحرير لا يعني أن عدمه شرط في صحة الصلاة، بل حرم الحرير والغصب مطلقًا، وأمر بالصلاة مطلقًا، ولم يقيد واحدًا منهما البتة، وجمع المكلف لهما بالصلاة لا يخرجهما عن حكمهما منفردَيْنَ، وهو كون الصلاة طاعة، ولبس الحرير والغصب معصية، فما أمر الله تعالى إلا بالصلاة، وحرم لبس الحرير، ولا يلزم من تحريم الحرير أن يكون عدمه شرطًا في صحة الصلاة، كما أنه لو سرق في صلاته لم تبطل صلاته.

فالشرط الذي هو ستر العورة قد تحقق، والصلاة ليست سببًا في تحريم لبس الحرير، فهو محرم عليه، صلى به، أو لم يُصَلِّ، فالتحريم متوجه للبس، ولا علاقة للصلاة بذلك حتى يكون النهي عائدًا إلى شرط الصلاة، نعم لو توضأ بماء نجس لم يرتفع حدثه، لكون النهي عائدًا إلى شرط العبادة بخلاف ما لو غسل ثوبه النجس بماء مغصوب فإن الثوب يطهر؛ لأن الحكم بنجاسة الثوب لوجود النجاسة، فإذا زالت زال حكمها، وكونه مغصوبًا لا علاقة له بالتطهير، فلا يمكن الحكم بنجاسة الثوب مع زوال النجاسة، نعم يضمن قيمة الماء لصاحبها؛ لإتلافه مال الغير.

وقياسًا على ما لو اجتمع أمران أحدهما يأمره بالصلاة والآخر يأمره بإنقاذ غريق أو حريق، فهو مأمور بالصلاة ومأمور بإنقاذه، ولا يمكن اجتماعهما، فلو مضى في صلاته صحت مع الإثم، فلا يقال: صلاته لا تصح؛ لأنه مأمور بإنقاذ الغريق، فكذلك إذا اجتمع أمر ونهي، وكان النهي غير مختص بالصلاة، فإن ارتكاب النهي لا يؤدي إلى بطلان الصلاة ما لم يختصَّ النهي بالصلاة.

الوجه الثاني:

القول: إن الستر بالحرير وجوده كعدمه ليس صحيحًا؛ فالمصلي في الثوب الحرير ليس بمنزلة العريان؛ لأن المرأة تصلي في الثوب الحرير فيجزي عنها، وإنما هو عَاصٍ في لبسه، فهو بمنزلة المصلي في ثوب مغصوب، فإن صلاته تجزئه على الصحيح كما سيأتي، ولهذا لو أبيح له لبسه لحكة، صحت صلاته، وكذا لو لم

<<  <  ج: ص:  >  >>