للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يوضح ذلك أكثرَ مسألةُ لبس الخف، فلو مسح خفًّا مغصوبًا صح الوضوء منه، لأن إباحة اللبس ليست شرطًا في صحة الوضوء، ولو مسح الخف رجل قد تلبس بالإحرام مع وجود النعل لم يصح الوضوء؛ لأن النهي متوجه للبس، والأمر الشرعي يوجب غسل الرجل، فلم يمتثل الأمر الشرعي.

فالنهي في دلالته على البطلان وعدمه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يعود النهي إلى ذات الشيء، فذلك يوجب فساد المنهي عنه قطعًا، كالنهي عن التطوع وقت طلوع الشمس وغروبها، فالنهي متوجه إلى الصلاة نفسها.

القسم الثاني: أن يعود النهي إلى شرط العبادة، فذلك يوجب فسادها على الصحيح، كما لو ستر عورته بثوب نجس على القول بأن طهارة الثوب شرط في صحة الصلاة، فطهارة السترة مختصة بالصلاة.

القسم الثالث: أن يعود النهي لأمر خارج، فهذا لا يوجب فساد العبادة على الصحيح، كقوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ [الإسراء: ٧٨] مع قول النبي : لا تلبسوا الحرير، فالنهي عن لبس الحرير لم يتعرض فيه للصلاة، فإذا صلى في ثوب حرير أتى بالمطلوب والمكروه جميعًا، فصحت الصلاة، وحرم اللبس.

• ورد هذا الجواب:

بأن الحنابلة يعللون فساد الصلاة بثوب الحرير إما لارتكاب النهي في شرط العبادة، وإما لترك الإتيان بالشرط المأمور به (١)، وكلاهما له علاقة بشرط العبادة، فليس كما لو صلى وعليه عمامة من حرير؛ لأن لبس العمامة ليس شرطًا في الصلاة.


(١) انظر: قواعد ابن رجب، القاعدة التاسعة، ت مشهور (١/ ٦٠).
والفرق بينهما: أن الحكم إن علل بارتكاب النهي فإن صلاته لا تصح مطلقًا في الثوب المغصوب حتى لو لم يجد غيره.
وإن علل الحكم بترك المأمور، فإنه إذا لم يجد سترة إلا ثوبًا مغصوبًا صحت صلاته؛ لأنه غير واجد لسترة يؤمر بها، أما من لم يجد إلا ثوب حرير فتصح صلاته بغير خلاف على أصح الطريقين؛ لإباحة لبسه في هذه الحال. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>