للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وأجيب:

بأنه لم يرد نهي عن لبس الحرير في الصلاة حتى يقال: الشيء الواحد لا يرد عليه أمر ونهي في وقت واحد، ولذلك لما كان تحريم قول الزور عامًا للصائم وغيره لم يبطل الصيام حتى على مذهب الحنابلة، وإنما قد يذهب بثواب الصيام، فمن باب أولى ألا تبطل الصلاة بستر العورة بالثوب المحرم من حرير ومغصوب، ونحوهما. والله أعلم.

الدليل الخامس:

ولأن النهي عن الشيء يستلزم فساد المنهي عنه، والصحة تقتضي الثواب، ولأنه ممنوع من لبسه شرعًا، والممنوع شرعًا كالممنوع حِسًّا، فوجوده كعدمه.

• ونوقش من وجهين:

الوجه الأول:

ليس كل نهي يقتضي فساد المنهي عنه، يبين ذلك الشنقيطي في أضواء البيان، فيقول: «كل منهيٍّ عنه له جهتان:

إحداهما: مأمور به منها: ككونه صلاة، والأخرى منهي عنه منها: ككونه في موضع نهي، أو وقت نهي، أو أرض مغصوبة، أو بحرير، أو ذهب، ونحو ذلك فإنهم يقولون: إن انفكت جهة الأمر عن جهة النهي لم يقْتَضِ النهي الفساد، وإن لم تَنْفَكَّ عنها اقتضاه، ولكنهم عند التطبيق يختلفون، فيقول أحدهم: الجهة هنا منفكة. ويقول الآخر: ليست منفكة كالعكس، فيقول الحنبلي مثلًا: الصلاة في الأرض المغصوبة لا يمكن أن تنفك فيها جهة الأمر عن جهة النهي لكون حركة أركان الصلاة كالركوع والسجود والقيام كلها يشغل المصلي به حيزًا من الفراغ ليس مملوكًا له، فنفس شغله له ببدنه في أثناء الصلاة حرام، فلا يمكن أن يكون قربة بحال. فيقول المعترض كالمالكي والشافعي: الجهة منفكة هنا؛ لأن هذا الفعل من حيث كَوْنِهِ صلاةً قربةٌ، ومن حيث كونه غصبًا حرامٌ، فله صلاته وعليه غصبه كالصلاة بالحرير» (١).


(١) أضواء البيان (٢/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>