للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والثاني: يراد به نفي الكمال والفضيلة، كما في حديث نفي قبول صلاة الآبق والمغاضبة لزوجها، ومن في جوفه خمر، وغيرهم ممن هو مجمع على صحة صلاتهم ....

ومن ههنا تعلم أن نفي القبول مشترك بين الأمرين فلا يحمل على أحدهما إلا لدليل فلا يتم الاحتجاج به في مواطن النزاع» (١). أه

والضابط للتفريق: بأن ينظر فيما نُفِيَ، فإن رتب نفي القبول على معصية قارنت الفعل كحديث (إذا أبق العبد … ) وحديث: (من أتى عرافًا … ) كان انتفاء القبول يعني انتفاء الثواب، والعمل صحيح لاستيفاء شروطه وأركانه، إلا أن إثم المعصية إذا قورن بأجر العمل كان الإثم أكبر، فكأن الإثم قد أحبط الثواب، وذهب بالأجر.

وإن رتب نفي القبول على وصف يطلب فعله أو تركه، ولم يقارن الفعل معصية، كحديث: (لا تقبل صلاة بغير طهور … )، وحديث (لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار) كان انتفاء القبول يعني انتفاء الصحة، ودل هذا على أن الوصف شرط أو ركن في العمل، ولزم عدم الشرط عدم المشروط (٢).

فلو صح أثر ابن عمر لم يقْتَضِ البطلان؛ لأن نفي القبول فيه جاء مقترنًا بمعصية، وهو الكسب المحرم (٣).

قال الحافظ ابن رجب: «اشتد نكير عبد الرحمن بن مهدي لقول من قال: إن من اشترى ثوبًا بدراهم، فيها شيء حرام، وصلى فيه، أنه يعيد صلاته، وقال: هو قول خبيث، ما سمعت بأخبث منه، نسأل الله السلامة.

ذكره عنه الحافظ أبو نعيم في الحلية بإسناده، وعبد الرحمن بن مهدي من أعيان علماء أهل الحديث وفقهائهم المطَّلَعَين على أقوال السلف، وقد عُدَّ هذا


(١) نيل الأوطار (٢/ ٩٢).
(٢) انظر: مختصر التحرير للفتوحي (١/ ٤٧٢).
(٣) انظر: شرح المشكاة للطيبي (٧/ ٢١١٤)، التيسير بشرح الجامع الصغير (٢/ ٣٩٨)، فيض القدير (١/ ٧٢) و (٦/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>