للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لكن لا نتعداه إلى غيره، ولا نقول بوجوبه في الخارج من السبيلين، وإنما يقتصر على ما ورد عن الصحابة، لأن شرط القياس على ما جاء مخالفًا للقياس في ظاهره أن يكون الحكم فيه معللًا، ولا أعرف علة توجب الطهارة من الرعاف؛ ذلك أن دم الإنسان وبدنه طاهر على الصحيح كما حررت ذلك في كتابي موسوعة الطهارة، والله أعلم.

وعلى هذا مالكٌ رحمه الله تعالى، فهو لا يرى خروج النجس من غير السبيلين ناقضًا للوضوء يقول بالبناء بالرعاف خاصة، ولا يقيس عليه سائر الأحداث.

قال ابن رشد: «واختار مالك رحمه الله تعالى بالبناء على الاتباع للسلف وإن خالف ذلك القياس والنظر، وهذا على أصله أن العمل أقوى من القياس؛ لأن العمل المتصل لا يكون أصله إلا عن توقيف، وقال أيضًا: ليس البناء في الرعاف بواجب، وإنما هو من قبيل إما الجائز أو المستحب» (١).

الوجه الرابع:

قد يراد بالوضوء الغسل من الرعاف حتى لا يتلوث المسجد، ولو كان المراد منه الوضوء الشرعي لكان حدثًا، والحدث يبطل الصلاة، كالبول والريح ونحوهما، فكان خروج الدم عذرًا يخرج من الصلاة لإيقاف الدم ومنع تلوث المسجد، ثم الرجوع إلى الصلاة، والبناء عليها، ولهذا اشترط في الآثار ألا يتكلم، واشترط الفقهاء ألا يتحول عن القبلة، فلو كان حدثًا لأبطل الصلاة بل هو أولى بالإبطال من الكلام الذي اشترطت الآثار للبناء ألا يتكلم.

وقد ورد إطلاق الوضوء على الغسل كما في حديث سلمان وإن كان ضعيفًا.

(ح-٧٣٦) فقد روى أحمد، قال: حدثنا عفان، حدثنا قيس بن الربيع، حدثنا أبو هاشم، عن زاذان،

عن سلمان، قال: قرأت في التوراة: بركة الطعام الوضوء بعده، قال: فذكرت ذلك لرسول الله وأخبرته بما قرأت في التوراة فقال: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده (٢).


(١) المقدمات (١/ ١٠٧).
(٢) المسند (٥/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>