للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص (١).

الدليل الثاني:

أن ثياب الفقراء لا تكاد تخلو من خرق، وثياب الأغنياء لا تكاد تخلو من فتق، والاحتراز من ذلك يشق فعفي عنه كيسير الدم.

والحنفية جعلوا هذا التعليل يشمل المتعمد وغيره، وقصره الحنابلة على غير المتعمد؛ لأن المتعمد كان يمكنه التحرز من كشف عورته بلا مشقة.

وقد جاء العفو عن اليسير في الشريعة في أحكام كثيرة مختلفة، كالعفو عن يسير النجاسات، ويسير الغرر، والعمل القليل في الصلاة، وتملك اليسير من اللقطة.

ويستثنى من العفو عن اليسير ما نص الشارع على عدم العفو عنه، كتحريم يسير الربا؛ ويسير الخمر، لقوله : من زاد أو استزاد فقد أربى، وقوله: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وقوله: ويل للأعقاب من النار، ونحو ذلك، وقد سبق تخريج هذه الأحاديث.

القول الثاني:

ذهب المالكية إلى التفريق بين العورة المغلظة والعورة المخففة:

فالمغلظة تعاد الصلاة لكشفها عمدًا، أو جهلًا في الوقت وغيره، وهذا القول مبني على أن ستر العورة شرط مع القدرة، وهو المشهور من مذهب المالكية، وبه قال بعض الحنابلة.

وقال بعض المالكية: إذا انكشفت العورة المغلظة أعاد في الوقت وهو مبني على القول بأن ستر العورة ليس من شروط الصلاة على خلاف بينهم في حكم الستر، فقيل: واجب، وقيل: سنة.

وأما العورة المخففة: فيعيد الصلاة لكشفها في الوقت فقط؛ لاتفاق المالكية على عدم شرطية سترها، إلا الفخذ من الرجل، فإنه وإن كان محسوبًا من العورة


(١) صحيح البخاري (٤٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>