أرشد النبي ﷺ إلى طريقة الصلاة بالثوب الواحد الواسع منه والضيق، فإن كان واسعًا فأرشد إلى الالتحاف به، والالتحاف ليس واجبًا؛ لأنه قدر زائد على ستر العورة والمنكب، وإن كان ضيقًا أمر بالاتزار به، ولم يشترط للاتزار بالضيق ألا يوجد غيره، فلو كان الاتزار لا يجوز إلا في حال الضرورة، لقال: فإن لم تجد إلا ضيقًا فاتزر به، فدل الحديث على جواز الصلاة بالثوب الواحد مع تعرية المنكبين.
• ونوقش هذا:
بأن بعض الفقهاء حمل حديث جابر على أحد أمرين:
إما أن يكون ذلك في حال العجز، والنهي عن تعرية المنكبين في حديث أبي هريرة للقادر على سترهما.
أو أن حديث جابر خاص في صلاة النافلة، وحديث أبي هريرة في صلاة الفريضة.
ولا يظهر لي أن حديث جابر اشترط فيه العجز، بل هو مطلق في الصلاة في الثوب الواحد، فإن كان واسعًا التحف به، وإن كان غير ذلك اتزر به، ولا يوجد نهي عن الصلاة في الإزار الضيق مع وجود غيره حتى يشترط في الصلاة به العجز عن غيره.
وقد فهم جابر من قول النبي ﷺ الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد واسعًا كان أو ضيقًا،
(ح-٧٠١) فقد روى أحمد حديث البخاري، قال: حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح به، بلفظ: دخلنا على جابر بن عبد الله وهو يصلي في ثوب واحد، ملتحفًا به، ورداؤه قريب لو تناوله بلغه، فلما سلم، سألناه عن ذلك، فقال: إنما أفعل هذا ليراني الحمقى أمثالكم، فيفشوا على جابر رخصة رخصها رسول الله ﷺ، ثم قال جابر: خرجت مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره، فجئته ليلة، وهو يصلي في ثوب واحد، وعلي ثوب واحد، فاشتملت به، ثم قمت إلى جنبه، قال: يا جابر، ما هذا