للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن تيمية: «النساء على عهد النبي إنما كان لهن قمص، وكن يصنعن الصنائع، والقمص عليهن، فتبدي المرأة يديها إذا عجنت، وطحنت، وخبزت، ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجبًا لبينه النبي . كذلك القدمان، وإنما أمرن بالخمار فقط مع القميص، فكن يصلين بقمصهن وخمرهن، وأما الثوب الذي كانت المرأة ترخيه وسألت عن ذلك النبي فقال: شبرًا فقلن: إذن تبدو سوقهن فقال: ذراعًا لا يزدن عليه … فهذا كان إذا خرجن من البيوت» (١).

ولقد أدركت أمهاتنا وأنا فتى يلبسن القميص في البيت إلى القدمين، فإذا أرادت الخروج لبست فوقه ثوبًا أسود فضفاضًا له أكمام منسدلة واسعة، يجلل بدنها كاملًا حتى تسحبه على الأرض، قد أرخته أكثر من الشبر في الأرض، وكل من كان في مثل عمري يعرف هذا من أمهاته، وهو ثوب لا تلبسه أمهاتنا في البيوت، بل هو مخصص للخروج من البيت، وهذا ما قصده ابن تيمية عليه رحمة الله.

• ويناقش:

بأن الإمام أبا حنيفة لا يرى القدمين عورة، لا في النظر، ولا في الصلاة، وهو أحد القولين في المذهب (٢).

وقيل: القدمان عورة في النظر، فيجب سترهما عن الأجنبي، وليسا بعورة في الصلاة، وهو أحد القولين في مذهب الحنفية، واختيار ابن تيمية (٣).

وإذا قام الدليل على اعتبار القدمين عورة في النظر فهذا كَافٍ في اعتبار ذلك عورة في الصلاة إلا أن يقوم دليل صريح على استثناء ذلك.

وأما الاستدلال بجواز كشف القدم للمحارم على جواز كشفه في الصلاة فلا أره صوابًا، فقد تكون الإباحة لا تعني أنه ليس بعورة في الأصل، وإنما رفع الحكم عن


(١) مجموع الفتاوى (٢٢/ ١١٨).
(٢) قال في التجريد للقدوري (٢/ ٦٠٤): «قال أصحابنا: قدم المرأة ليس بعورة في إحدى الروايتين، وروي عنهم أنه عورة». وانظر: البحر الرائق (٨/ ٢١٨).
(٣) حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>