وقدميها في الصلاة، بصرف النظر هل ثبت مرفوعًا أو موقوفًا؟
الدليل الثاني للحنابلة:
قياس الكفين على القدمين بكونهما عورة؛ ولأن الحاجة لا تدعو إلى كشف الكفين كما تدعو إلى كشف الوجه.
• ويجاب:
بأن عورة القدم من المرأة في الصلاة مختلف فيه، ولم يثبت دليل على اعتباره عورة في الصلاة، وكونه عورة في النظر هل يكفي لتعميم ذلك في الصلاة؟
فالحنفية لا يرون أن قدم المرأة عورة في الصلاة، وهذا ذهاب منهم إلى التفريق بين عورة النظر وعورة الصلاة، وسنذكر أدلتهم إن شاء الله تعالى.
وأما من يبني عورة الصلاة على عورة النظر فسيذهب إلى أن ما قام الدليل على اعتباره عورة في النظر فهو صالح للاحتجاج به على كونه عورة في الصلاة، والله أعلم.
• دليل من قال: قدم المرأة ليست بعورة:
الدليل الأول:
لا يوجد دليل على وجوب تغطية القدمين في الصلاة، والأصل عدم الوجوب، ولو كان واجبًا لجاء الأمر به كما أُمِرَتْ بالخمار، فإذا ثبت أن المرأة في بيتها تكشف يديها، ووجهها، وقدميها، فالأصل جواز كشف ذلك في الصلاة إلا بنص أو إجماع على وجوب تغطيته في الصلاة.
ولم يطلب من المرأة أن تصلي إلا بقميص سابغ (درع) بأن يكون الدرع إلى قدميها، وتكون أكمامه إلى الرسغ، ولم تؤمر مع القميص إلا بخمار يغطي شعرها، ولم تؤمر بما يغطي رجليها، لا خف، ولا جورب، ولا بما يغطي يديها، لا بقفازين ولا بغير ذلك، فدل على أنه لا يجب عليها في الصلاة ستر ذلك إذا لم يكن عندها رجال أجانب، ودعوى أن القميص يغطي يديها وقدميها في بيتها لا دليل عليه، فكانت تعجن وتطحن وتخبز وتقوم في مهنة بيتها في هذا القميص، ولم يكن لغالب النساء ثوبان، حتى كانت المرأة منهن إذا أصاب دم الحيض ثوبها غسلته، وصلت فيه، وإيجاب ستر القدمين فيه حرج عظيم لا يكلف فيه النساء إلا بدليل صحيح، وصريح الدلالة، وهو ما لا يتوفر هنا.