للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وسبب الخلاف:

ستر العورة عن النظر إليها لا يختص بالصلاة، وهو مطلوب في الصلاة، فهل كان مطلوبًا للصلاة من أجلها، أو من أجل النظر؟

فمن قال: إن ستر العورة مطلوب للصلاة من أجلها، أوجب الستر للصلاة حال الخلوة، وفي الظلمة، وحتى عن نفسه، حتى جعل بعضهم عورة الصلاة تختلف عن عورة النظر، فالحرة يجب ستر شعر رأسها من أجل الصلاة، ولا يجب ستره عن المحارم، وأوجب بعضهم ستر أحد المنكبين للرجل في الصلاة، ولا يجب ستره من أجل النظر، وعليه تكون عورة الصلاة تعبدية، وعورة النظر معقولة المعنى.

ومن قال: إن ستر العورة مطلوب في الصلاة لا من أجلها، بل من أجل النظر لا يرى وجوب ستر العورة في الخلوة، والظلمة، ولا سترها عن نفسه، وهو يصلي، ويرى أن كل عورة خارج الصلاة فهي عورة في الصلاة، والعكس صحيح، وهي مسائل سوف يأتي بحثها إن شاء الله تعالى في هذا الباب، وذكر أدلتها.

«وليس الاستتار لأجل الاستخفاء من الله تعالى؛ إذ هو سبحانه بصير لا تخفى عليه خافية، وإنما ذلك ظن الذين كفروا، والذين أَخْبَرَ الله عنهم بقوله: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: ٥]، ولكن يعني الاستحياء منه مبلغ الجهد» (١).

وفرق بين نظر الله للعبد حين يرى منه المكشوف تاركًا للأدب، أو يرى المستور متأدبًا.

وعلى القول بأن ستر العورة لا يختص بالصلاة لا يمتنع أن يكون عاصيًا به داخل الصلاة، مبطلًا للصلاة بفعله (٢).

والذي أميل إليه استواء عورة النظر وعورة الصلاة في حق الرجل، وأما ستر المنكب فلم يَأْتِ أمر به من الشارع مطلقًا، وإنما أمر به إذا صلى في ثوب واحد، وكان الغرض منه شد الثوب حتى لا تنكشف عورته، ولهذا قال: وليخالف بين


(١) شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة (ص: ٢٥٧).
(٢) انظر: الواضح في أصول الفقه (٣/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>