للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقيل: لا يقضى الوتر، وهذا مذهب المالكية (١)، والقديم من قولي الشافعي (٢)، ورواية عن أحمد، اختارها ابن تيمية (٣).

جاء في مواهب الجليل نقلًا عن اللخمي وابن عرفة: لا يقضى بعد صلاة الصبح اتفاقًا (٤).

قال في الإنصاف: « .... وعنه -أي عن أحمد- لا يقضى، اختاره الشيخ تقي الدين، وعنه لا يقضى بعد صلاة الفجر» (٥).


(١) حاشية الدسوقي (١/ ٣١٧)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٤١٢)، مواهب الجليل (٢/ ٧٦).
(٢) جاء في مختصر المزني (٨/ ١١٣): إن فاته الوتر حتى تقام الصبح لم يَقْضِ، وإن فاتته ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يَقْضِ. اه
واختلف أصحاب الشافعية في توجيه هذا النص:
فقال قوم من الشافعية إن في قضاء الوتر إذا صلى الصبح في المذهب قولين:
أحدهما: لا يقضي؛ لأنه تبع للعشاء، فلو قضاه بعد الصبح صار تبعًا للصبح.
والقول الثاني: أن الوتر يقضى مطلقًا، وهو الصحيح من المذهب.
واختار آخرون بأن الوتر يقضى قولًا واحدًا في المذهب، وقاموا بتأويل النص الذي نقله المزني:
فقال بعضهم: بأن مراد الشافعي بأن الصلاة إذا أقيمت قدمت الفريضة، فلا يشتغل بالقضاء، فإذا قضى الفريضة قضى ما فاته؛ لأنه قال: وإن فاته الوتر حتى تقام الصبح لم يَقْضِ، فلو كان يقصد به فوات القضاء، لقال: وإن فاته الوتر حتى صلى الصبح لم يَقْضِ.
وهذا التأويل يمكن أن يقال في نقل المزني لعبارة الشافعي، وأما نص الشافعي في الأم، فإنه علق الفوات بصلاة الصبح، وليس بالإقامة، قال في الأم (١/ ١٦٨): «فإن فاته الوتر حتى يصلي الصبح لم يَقْضِ».
وتأوله آخرون بأن مراد الشافعي من قوله: لا يقضي: أي وجوبًا، وقصد به الرد على أبي حنيفة، وأما على طريق الاختيار والاستحباب فيقضي قولًا واحدًا. انظر: الأم (١/ ١٦٨)، مختصر المزني (٨/ ١١٣)، الحاوي الكبير (٢/ ٢٨٧، ٢٨٨)، كفاية النبيه (٣/ ٣٤١)، بحر المذهب للروياني (٢/ ٢١٧)، المجموع (٤/ ٤٢).
(٣) المجموع (٢٣/ ٩).
(٤) مواهب الجليل (٢/ ٧٦).
(٥) الإنصاف (١/ ١٧٨)، وظاهر عبارة صاحب الإنصاف أن اختيار ابن تيمية أنه لا يقضى بعد طلوع الصبح؛ لأنه ذكر عن أحمد روايتين: إحداهما: لا يقضى. والثانية: لا يقضى بعد صلاة الفجر، ونص على أن الأولى هي اختيار ابن تيمية. والمنقول عن ابن تيمية أنه لا يقضى بعد صلاة الصبح.
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: (٢/ ٢٤٠): «والصحيح أن الوتر يقضى قبل صلاة الصبح، فإنه إذا صُلِّيَتْ لم يبقَ في قضائه فائدة». اه وسيكون لي تعليق على اختلاف النص عن ابن تيمية في كلامٍ لاحقٍ من هذا البحث إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>