للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حرام من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله، سمعتك تنهى عن هاتين، وأراك تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان (١).

قال النووي: «فيه دليل على أن «السنن الراتبة إذا فاتت يستحب قضاؤها، وهو الصحيح عندنا، ومنها أن الصلاة التي لها سبب لا تكره في وقت النهي، وإنما يكره ما لا سبب لها، وهذا الحديث هو عمدة أصحابنا في المسألة وليس لنا أصح دلالة منه ودلالته ظاهرة» (٢).

الدليل الثالث:

ورواه مسلم من طريق سعيد والمثنى، عن قتادة، به بلفظ:

من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها.

قال المثنى: أو غفل عنها بدلًا من نسي.

قال ابن تيمية: «وهذا يعم الفرض وقيام الليل والوتر والسنن الراتبة» (٣).

قلت: (صلاة … ) نكرة في سياق الشرط، فتعم كل صلاة، وقد يقال: إن قوله: (فكفارتها أن يصليها) هذا اللفظ مخصص للعموم الذي في أول الحديث، حيث جعل الحديث في الصلوات الواجبة، وهو من المخصصات المتصلة، كقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] فالمخصص تارة يكون متصلًا بالحديث، وتارة يكون منفصلًا عنه بنص آخر (٤).

وقضاء الراتبة عند القائلين به من الواجب الموسع بلا خلاف بينهم، وإنما


(١) صحيح البخاري (١٢٣٣)، وصحيح مسلم (٨٣٤).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٦/ ١٢١).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٩٠).
(٤) وبعض أهل الأصول ينكر التخصيص بالمتصل؛ لأن التخصيص إخراج لبعض أفراده، وفي المتصل ليس هناك إخراج لشيء، بل هو بيان لقصد المتكلم في عموم اللفظ، أن لا يتوهم السامع منه غير ما قصد، والله أعلم. انظر: الموافقات (٤/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>