ووهم في هذا القول. ونبه ابن خزيمة أن هذا من رواية الحديث بالمعنى، لا باللفظ، وفيه إشارة منه إلى تعليل هذا اللفظ من جهة الرواية، وإن كان مقبولًا من جهة الدراية والفقه. قال ابن خزيمة في صحيحه (٣/ ١٧٣): «هذا خبر روي على المعنى، لم يُؤَدَّ على لفظ الخبر، ولفظ الخبر: (من أدرك من الصلاة ركعة) فالجمعة من الصلاة أيضًا، كما قاله الزهري، فإذا روي الخبر على المعنى لا على اللفظ جاز أن يقال: من أدرك من الجمعة ركعة، إذ الجمعة من الصلاة، فإذا قال النبي ﷺ: (من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة) كانت الصلوات كلها داخلة في هذا الخبر، ومنها الجمعة». وتوجيه ابن خزيمة حسن، وأحسن منه في رأيي أن يكون دخل على الراوي كلام مدرج للزهري فظنه من اللفظ المرفوع، ذلك أن الزهري كان يروي الحديث بلفظ الجماعة، ثم يذكر من كلامه أن الجمعة من الصلاة، فدخل على الراوي لفظ الحديث بكلام الزهري الموقوف عليه وروى به لفظ الحديث. فقد رواه ابن خزيمة في صحيحه (١٨٤٩)، وأبو عوانة في مستخرجه (١٥٣٥)، أخبرنا علي بن سهل الرملي، حدثنا الوليد يعني ابن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة. قال الزهري: فنرى أن صلاة الجمعة من ذلك، فإذا أدرك منها ركعة فليصل إليها أخرى. ورواه السراج في مسنده (٥٥٩)، وفي حديثه انتقاء الشحامي (١١٩٧) حدثنا محمد بن الصباح، أنبأ الوليد، عن الأوزاعي، حدثني الزهري، حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها. قال الأوزاعي: قال الزهري: والجمعة صلاة فمن أدرك منها ركعة أضاف إليها أخرى. وقد جاء الفصل بين المرفوع وكلام الزهري من غير طريق الأوزاعي، فقد رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: سمعت النبي ﷺ يقول: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها. قال الزهري: والجمعة من الصلاة. رواه السراج في حديثه (١١٩٩)، وفي مسنده (٩٣٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢٨٧). قال البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢٨٧): «هذا هو الصحيح، وهو رواية الجماعة عن الزهري، وفي رواية معمر دلالة على أن لفظ الحديث في الصلاة مطلق، وإنها بعمومها تتناول الجمعة كما تتناول غيرها من الصلوات». وهناك وهم من أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، في روايته عن الأوزاعي، تركت ذكره لأنه لا يتعلق بمسألة البحث (ذكر الجمعة) في الحديث، والله أعلم. كما جاء ذكر الجمعة من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري. =