(٢) الحديث مداره على أبي المنهال، رواه حماد بن سلمة كما في صحيح مسلم (٦٤٧)، عن أبي المنهال، عن أبي برزة وفيه: ( … كان رسول الله يؤخر العشاء إلى ثلث الليل). ورواه عوف بن أبي جميلة كما في صحيح البخاري (٥٤٧)، عن أبي المنهال به، وفيه: (كان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة) ولم يذكر مقدار التأخير. ورواه شعبة، عن أبي المنهال، واختلف على شعبة فيه: فرواه آدم بن أبي إياس كما في صحيح البخاري (٧٧١). وأبو داود الطيالسي كما في مسنده (٩٦٢)، ومستخرج أبي عوانة (١٠٧٩). وحجاج بن محمد المصيصي كما في مسند أحمد (٤/ ٤٢٥)، ثلاثتهم عن شعبة، به، لا يختلفون أن تأخير العشاء: (إلى ثلث الليل)، كرواية حماد بن سلمة. وخالفهم: خالد بن الحارث كما في صحيح مسلم (٢٣٥ - ٦٤٧)، والمجتبى من سنن النسائي (٤٩٥)، وفي الكبرى له (١٥٣٠)، فرواه عن شعبة، وقال: (إلى نصف الليل). وهذا الاختلاف ليس من قبل شعبة، بل من شيخه أبي المنهال. فقد رواه معاذ بن معاذ العنبري كما في صحيح مسلم (٢٣٦ - ٦٤٧) عن شعبة به، بلفظ: كان رسول الله ﷺ لا يبالي بعض تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل … قال شعبة: ثم لقيته مرة أخرى، فقال: أو ثلث الليل. وفي رواية أبي زيد سعيد بن الربيع الهروي، عن شعبة، به، قال: … والعشاء كان لا يبالي بعد تأخيرها إلى نصف الليل .... قال شعبة: ثم أتيته مرة أخرى، فسألته، فقال: كان لا يبالي تأخيرها إلى نصف الليل وثلث .... وفي هذين الطريقين النص على أن أبا المنهال كان يقول: (إلى نصف الليل)، ثم قال: بعد (إلى ثلث الليل). لكن رواه أبو عمر الحوضي، عن شعبة به كما في سنن أبي داود (٣٩٨)، ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في السنن (١/ ٦٤٠)، فقال: كان لا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، قال: ثم قال: إلى شطر الليل … الحديث. ورواه أبو عوانة في مستخرجه (١٠٧٩) من طريق أبي داود الطيالسي وقرنه برواية أبي عمر الحوضي كلاهما عن شعبة، فقال: لا يبالي أن يؤخرها إلى ثلث الليل. وأظن هذا لفظ أبي داود الطيالسي. هؤلاء الثلاثة هم الذين رووه عن أبي المنهال ذاكرين وقت العشاء، ورواه جماعة عن أبي المنهال، واختصروه، ولم يذكروا العشاء في الحديث، كخالد الحذاء، وروايته في الصحيحين، وسليمان التيمي، وإبراهيم بن طهمان، ولم أتعرض لتخريج روايتهم؛ لأنه لا شاهد فيها لمسألتنا، والله أعلم.