للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفجر صلاة الفجر، وأطلق عليها ذلك لإطالة القراءة فيها، وفصل صلاة الفجر عن باقي الصلوات لعدم اتصالها بما قبلها، وانفصالها عما بعدها، فدل ظاهر القرآن على وجود فاصل بين صلاة العشاء وبين صلاة الصبح.

• ونوقش هذا الاستدلال:

بأن الدلوك ليس هو الزوال، وإنما هو الميل، والجزم بأن المقصود ميلها وقت الزوال يحتاج إلى توقيف، والصحابة مختلفون فيه: أهو ميلها للزوال أم ميلها للغروب، والأول هو تفسير ابن عمر، والثاني تفسير ابن عباس وابن مسعود، ذكر ذلك ابن جرير الطبري في تفسيره وغيره.

وعلى التسليم بأن الآية تحكي مواقيت الصلاة، فإن الجزم بأن الآية فيها دلالة ولو بالإشارة إلى وجود فاصل بين وقت العشاء ووقت الفجر ليس ظاهرًا، والواو لا تدل على الفصل في اللغة، ولو سلم: أهو فاصل بين الصلاتين بالأفعال كما هو معتاد بين الناس أن يصلوا العشاء ثم يغشاهم النوم إلى صلاة الصبح، أم هو فاصل بالوقت؟

وإذا قيل: إنه فاصل بالوقت، أهو فاصل مطلقًا أم فاصل بين وقت الاختيار ووقت أهل الأعذار؟ فالعلماء مجمعون على أن الحائض إذا طهرت قبل الفجر لزمتها العشاء، وسبق نقل الإجماع في ذلك.

لهذه الأمور لا يمكن الجزم بدلالة الآية على خروج وقت العشاء بانتصاف الليل، والله أعلم.

قال ابن عبد البر: «ليس في محكم القرآن في أوقات الصلوات شيء واضح يعتمد عليه» (١).

الدليل الثاني:

(ح-٥٤١) ما رواه مسلم من طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب الأزدي،

عن عبد الله بن عمرو، عن النبي قال: وقت الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق،


(١) الاستذكار (١/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>