للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السلام- خروج أكثر الوقت فيه، فصح يقينًا أن وقتها داخل قبل ثلث الليل الأول بيقين، فقد ثبت بالنص أنه داخل قبل مغيب الشفق، الذي هو البياض بلا شك» (١).

قال ابن عبد البر: «وذلك لا محالة قبل ذهاب البياض» (٢).

وقد علم بالنصوص أن ابتداء وقت العشاء مغيب الشفق إجماعًا (٣)، فإذا امتنع حَمْلُهُ على الأبيض لم يبقَ إلا مغيب الشفق الأحمر.

• ويناقش:

بأن العلامات الكونية بين المغرب والعشاء كالعلامات الكونية بين الفجر وطلوع الشمس إلا أنها معكوسة، فوقت الفجر يسبقه الفجر الكاذب، وهو البياض المستطير، ثم يتلوه الفجر الصادق: وهو البياض المعترض في الأفق، ثم يتلو ذلك حمرة في الأفق تسبق طلوع الشمس، ثم ينتهي وقت الفجر بطلوع الشمس.

واعكس هذه العلامات في وقت المغرب، فالمغرب يبدأ بغياب الشمس عكس الصبح الذي ينتهي بطلوعها، ثم تنتشر حمرة في الأفق ويستمر وقت المغرب إلى حين زوال حمرة الشفق، وهي لا تزول دفعة واحدة، وإنما تبدأ تخف تدريجيًّا شيئًا فشيئًا حتى تتحول إلى بياض مستطيل في الأفق مشوبًا بصفرة، وهذا يقابله في وقت الصبح الفجر الصادق فإذا كان الفجر الصادق علامة على طلوع الصبح، فإنه في المغرب على العكس من ذلك، فهو علامة على انتهاء وقت المغرب، وهذا البياض المستطيل المعترض في الأفق جزء من الشفق الأحمر متصل به، ويذهب سريعًا؛ وهو معنى ما نقلته عن الخطابي في معالم السنن بأن الشفق اسم للحمرة والبياض، إلا أنه إنما يطلق على أحمر ليس بقانٍ، وأبيض ليس بناصعٍ، ثم يحل مكانه بياض مستطير في السماء، وهو الذي يبقى إلى ثلث الليل، وهو بمنزلة الفجر الكاذب، وهذا لا علاقة له بانتهاء وقت المغرب، كما لا علاقة له بوقت الصبح، والله أعلم.


(١) المحلى (٢/ ٢٢٥).
(٢) الاستذكار (١/ ٧١).
(٣) انظر: أضواء البيان (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>