أن التوقيت بالاصفرار أو بالمثلين ثم قوله:(الوقت بين هذين) إنما هو لبيان وقت الاختيار، وليس لبيان وقت الجواز، فوقت الجواز أعم من وقت الاختيار:
فجبريل ﵇ صلى بالنبي ﷺ العصر في اليوم الأول حين كان ظل كل شيء مثله، وصلى به في اليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثليه، وقال: الوقت بين هذين.
فكان الخارجُ عن وقت المثلين داخلًا في وقت الضرورة لو كان هذا حدًّا واجبًا.
وقال ﷺ في حديث عبد الله بن عمرو:(وقت العصر ما لم تصفر الشمس).
وهو قدر زائد عن المثلين، فتبين أن المثلين ليس حدًّا واجبًا.
وصلى النبي ﷺ العصر مختارًا غير معذور في حديث أبي موسى في اليوم الثاني، والقائل يقول: قد احمرت الشمس، وهو قدر زائد على المثلين وعلى الاصفرار، وإذا احمرت الشمس فلم يبق عليها إلا الغروب.
فتبين أن الحد بالاصفرار أيضًا ليس حدًا واجبًا، وإلا لكانت صلاة النبي ﷺ داخلة في وقت الاضطرار الذي حده الحنابلة والمالكية، فتبين أن التوقيت بالصلاة قبل الاصفرار لبيان الوقت المختار.
ولأن الأئمة الأربعة متفقون على أن من صلى قبل غروب الشمس فقد صلاها أداء، ولا يُتَصَوَّرُ اجتماع الأداء والإثم كما سيأتي الاستدلال عليه.
وأما الجواب عن حديث أنس في صفة صلاة المنافق فقد أجبت عنه عند الكلام على مسألة: حكم تأخير الصلاة إلى وقت الاضطرار، فانظره هناك يا رعاك الله.
الدليل الثاني:
(ح-٤٩٤) ما رواه الطبراني، قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، ثنا أبو الوليد الطيالسي،
وحدثنا محمد بن يحيى بن المنذر القزاز، حدثنا حفص بن عمر الحوضي، قالا: حدثنا همام، عن قتادة، عن أبي أيوب،
عن عبد الله بن عمرٍو؛ أن رجلًا سأل النبي ﷺ عن وقت الصلاة فقال: