للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثاني:

أن دلالة الإشارة لا تعارض دلالة العبارة، وجه ذلك أن الحديث ذكر العمل، وهو جنس يشمل كل الأعمال، فقصره على الصلاة فقط، ثم الاستدلال به إشارة على أن وقت صلاة العصر أقصر من وقت صلاة الظهر، كل ذلك فيه نظر، ولو تجاوزنا ذلك فإن هذه الدلالة تعتبر من دلالة الإشارة، وهي الدلالة التي لم يقصدها المتكلم في حديثه، ولا يتوقف عليها صدق الحديث عقلًا ولا شرعًا، ذلك أن الحديث لم يكن سياقه لبيان أوقات الصلوات، وإنما قصد به ضرب المثل، فكيف يقدم على أحاديث كثيرة كانت الدلالة فيها من دلالة العبارة بالمنطوق الصريح المطابق، سيقت لبيان أوقات الصلوات، من ذلك حديث ابن عباس وجابر في إمامة جبريل، وحديث أبي موسى وبريدة وعبد الله بن عمرو في مسلم، وغيرها من الأحاديث، وهي قاطعة في دلالتها على آخر وقت الظهر.

قال النيموي: «لم أجد حديثًا صريحًا صحيحًا أو ضعيفًا يدل على أن وقت الظهر إلى أن يصير الظل مثليه … » (١).

ولذلك خالف أبو يوسف ومحمد بن الحسن الإمام أبا حنيفة، ولم يأخذا بمذهبه هذا، ولا سلما له دلالة الحديث على المسألة.

الدليل الثالث:

(ث-١٢٥) روى مالك في الموطأ، عن يزيد بن زياد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، زوج النبي أنه سأل أبا هريرة عن وقت الصلاة فقال أبو هريرة: أنا أخبرك، صَلِّ الظهر إذا كان ظلك مثلك، والعصر إذا كان ظلك مثليك، والمغرب إذا غربت الشمس، والعشاء ما بينك وبين ثلث الليل، وصل الصبح بغبش، يعني الغلس (٢).

[صحيح].

وجه الاستدلال:

أن أبا هريرة أمره بالصلاة عندما يكون ظله مثله فدل أن وقت الظهر لا يخرج بالمثل.


(١) انظر: أبكار المنن في تنقيد آثار السنن (ص: ١٦٢).
(٢) الموطأ (١/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>