للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإن كان السبيل الجمع بين الروايتين.

فقيل: تطلق التلال عند العرب على الروابي، كما تطلق على غير الروابي، قال الخطابي في غريب الحديث: «كل شيء ألقيته على الأرض مما له جثة فقد تللته، ومنه سمي التل من التراب» (١).

وقال ابن بطال في شرح البخاري: «ومعنى قوله: (فيء التلول) يريد ظل كل شيء بارز على وجه الأرض من حجر، أو نبات، أو غيره فهو تَلٌّ … فإذا زالت الشمس وفاء الفيء امتد ظل كل شيء إلى جهة المشرق، وبدا للتلول فيء، ولا يبدو لها في الحجاز إلا بعد تمكن الوقت» (٢).

فلا يلزم أن يكون الراوي قصد فيء التلول تل الرمال والذي إذا ساواها الظل يكون ظل الأجسام المنتصبة قد تجاوز المثل، فلا يكون فيه حجة لأبي حنيفة. هذا وجه من الجمع.

ووجه آخر: أن العصر لا يدخل إلا بعد أن يكون ظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال، فإذا طرح ظل الزوال من المساواة يبقى الظل ناقصًا عن المساواة بقدر فيء الزوال، والذي ببلوغه يدخل وقت العصر، وقبله ما زال في وقت الظهر، فالمساواة في الحديث لم يطرح منه فيء الزوال.

وجه ثالث: قد يكون الراوي قصد بذلك المبالغة، لا حقيقة المساواة، ذلك أن الوقوف على مساواة ارتفاع التل الحقيقي لظله يصعب قياسه والوقوف عليه بمجرد النظر، فلا يلزم منه دخول وقت العصر، ولا حقيقة المساواة.

وجه رابع: أن ذلك وقع في السفر، ويتساهل في السفر ما لا يتساهل في الحضر، ذلك أن وقتهما في السفر وقت واحد، حتى قال أشهب: أرجو لمن صلى العصر قبل القامة والعشاء قبل مغيب الشفق أن يكون قد صلى وإن كان بغير عرفة.


(١) غريب الحديث للخطابي (١/ ٣٨٨).
(٢) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>