للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

قوله: (حتى رأينا فيء التلول) كما هي رواية الأكثر، أو قوله: (حتى ساوى الظل التلول) كما هي رواية البعض، فإن فيء التلول لا يظهر إلا بعد تمكن الفيء واستطالته جدًّا. وهذا يدل على أن التأخير كان إلى قرب وقت العصر.

فإن قيل: أليس مساواة الظل للتلول يعني أن الظل صار بمقدار المثل، وهو وقت دخول العصر؟ قيل: بقي ليدخل وقت العصر ظل الزوال نفسه، فإن العصر لا يدخل إلا بعد أن يكون ظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال، وقد يكون الراوي قصد بذلك المبالغة، لا حقيقة المساواة، ولهذا كانت رواية الأكثر (حتى رأينا فيء التلول)، والله أعلم.

وتطلق التلال عند العرب على الروابي، كما تطلق على غير الروابي، قال الخطابي في غريب الحديث: «كل شيء ألقيته على الأرض مما له جثة فقد تللته، ومنه سمي التل من التراب» (١).

وقال ابن بطال: «ومعنى قوله: فيء التلول يريد ظل كل شيء بارز على وجه الأرض من حجر، أو نبات، أو غيره فهو تَلٌّ … فإذا زالت الشمس وفاء الفيء امتد كل شيء إلى جهة المشرق، وبدا للتلول فيء، ولا يبدو لها في الحجاز إلا بعد تمكن الوقت» (٢).

• واعتُرِضَ على حديث أبي ذر بأنه محمول على الجمع في السفر.

وهذا خلاف ظاهر النص وخلاف التعليل الوارد في الحديث:

فأما النص، فإن النبي قال لبلال: أبرد، ولو كان التأخير بقصد الجمع لم يكن لهذا الوصف معنى.

وأما التعليل، فإن النبي علل الأمر بالإبراد ليس لكونه مسافرًا، وإنما قال: إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فلم يأت في تعليل الحكم أي ذكر للسفر، مما يجعل السفر وصفًا طرديًّا لا تأثير له في الحكم.


(١) غريب الحديث للخطابي (١/ ٣٨٨).
(٢) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>