للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الثالث:

أن العلة في الإبراد بالظهر: هو أداء الصلاة حال انكسار الحر؛ ليتمكن من الصلاة في وقت الإبراد طلبًا لكمال الخشوع، وليس من أجل ألا يمشي في الحر وليس للحيطان ظل يستظل به كما يقول الشافعية، وهذا يحتاج إلى تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها.

• حجة من قال: يؤخرها إلى وسط الوقت:

الأصل أن الصلاة في أول الوقت أفضل، خصت الظهر بالإبراد، للأحاديث الواردة في الباب، وجعل غايته إلى نصف الوقت عند الشافعية لأمرين:

الأول: أن الإبراد كان من أجل أن يكون للحيطان ظل يقي من يقصد المسجد من بَعُدَ في ذهابه وانصرافه، وذلك حاصل قبل انتصاف وقت الظهر، وبه يخرج عن حد التهجير.

الثاني: أن الشافعية يرون أن وقت الفضيلة ينتهي بانتصاف الوقت على أحد الأقوال، لهذا استحب ألا يتجاوز بالإبراد نصف الوقت حتى لا يخرج عن وقت الفضيلة (١).

وقال القاضي حسين خلافًا للأكثر: إذا انتصف الوقت خرج وقت الاختيار (٢).

• ويناقش:

بأن منتصف الظهيرة أشد ما تكون عليه الحرارة، قد اجتمع عليه حر الشمس، وحر الأرض، فلا يكون هذا من الإبراد في شيء، والإبراد لا يحصل دفعة واحدة، وإنما يحصل شيئًا فشيئًا، وإنما يبدأ الإبراد بالظهور بعد انتصاف وقت الظهر، لا قبله، حين يبدأ وقت الظهر بالانصراف، وكلما تأخر كان الإبراد أظهر، وأظهره للظهر ما كان قرب وقت العصر، فإذا صلى قبل خروج الوقت فقد أوقع الصلاة وقت استكمال الإبراد، فمن قال: لا يتجاوز وسط الوقت هذا أضعف الأقوال، وهو إحرار، وليس إبرادًا، ومن قال: بعد انتصاف الوقت يريد أن تقع الصلاة في


(١) فتح العزيز شرح الوجيز (٣/ ٤٥)، روضة الطالبين (١/ ١٨٤).
(٢) انظر: أسنى المطالب (١/ ١١٦)، الغرر البهية (١/ ٢٤٢)، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (١/ ٣٥)، تحفة المحتاج (١/ ٤١٨)، مغني المحتاج (١/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>