للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قصروا الاستحباب على الجماعة، وهو قدر زائد على تأخير الجمهور، وقصروه على الظهر ليصلي معه العصر، والمغرب ليصلي معه العشاء، وهذا المعنى لا يوجد في الصبح، والعصر، والعشاء فلم يستحبوا تأخيرها من أجل الغيم.

وقد يستدل على أن العصر لا تؤخر من أجل الغيم:

(ح-٤٣٢) بما رواه البخاري من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، أن أبا المليح حدثه، قال:

كنا مع بريدة في يومٍ ذي غيم، فقال: بكروا بالصلاة فإن النبي قال: من ترك صلاة العصر حبط عمله (١).

قال ابن حجر: «خص يوم الغيم بذلك؛ لأنه مظنة التأخير، إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت، فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت، أو لمتشاغل بأمر آخر، فيظن بقاء الوقت، فيسترسل في شغله إلى أن يخرج الوقت … وقد استشكل معرفة تيقن دخول أول الوقت مع وجود الغيم؛ لأنهم لم يكونوا يعتمدون فيه إلا على الشمس. وأجيب: باحتمال أن بريدة قال ذلك عند معرفة دخول الوقت؛ لأنه لا مانع في يوم الغيم من أن تظهر الشمس أحيانًا، ثم إنه لا يشترط إذا احتجبت الشمس اليقين بل يكفي الاجتهاد» (٢).

واستحب الشافعية أن تؤخر كل الصلوات للغيم حتى يتيقن الوقت، أو يخشى فواته، ولم يخصوا صلاة دون صلاة، وبه قال إسحاق (٣).

وهذا يعني أنه لا يستحب التأخير في الغيم مع تحقق دخول الوقت، إلا في حال يستحب التأخير في الصحو كشدة الحر، ونحوه، وحكي مثل ذلك عن


(١) صحيح البخاري (٥٩٤).
(٢) فتح الباري (٢/ ٣٢).
(٣) الأم (١/ ٩٠)، وقال النووي في المجموع (٣/ ٥٨): «قال أصحابنا إذا كان يوم غيم استحب أن تؤخر الصلاة حتى يتيقن الوقت أو لا يبقى إلا وقت لو أخر عنه خاف خروج الوقت»، وانظر: البيان للعمراني (٢/ ٤٣)، المقدمة الحضرمية (ص: ٥٦)، أسنى المطالب (١/ ١٢٠)، حواشي الشرواني (١/ ٤٣١)، مغني المحتاج (١/ ٣٠٧)، حاشية الجمل (١/ ٢٧٧)، وانظر: قول إسحاق في: فتح الباري لابن رجب (٤/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>