للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• واختلفوا في تعليل الحكم:

فعلل الحنفية والمالكية: استحباب التأخير احتياطًا للعبادة، خوفًا من وقوع الصلاة قبل الوقت، ولأن الأصل عدم دخول الوقت حتى يتيقن دخوله، ولهذا استحبُّوا التأخير للمنفرد والجماعة.

وإذا كان الأمر احتياطًا لدخول الوقت فهذا معنى يستوي فيه كل الصلوات، فتخصيص الاستحباب ببعض الأوقات دون بعض لا معنى له.

وذكر الحنفية من أسباب تفضيل التأخير: أن في التأخير ترددًا بين وجهي الجواز: إما القضاء، وإما الأداء.

وفي التعجيل تردد بين وجهي الجواز والفساد، فكان التأخير أولى (١).

وهذا يصدق على كل الصلوات، ولهذا يستحب الحنفية تأخير الصلوات كلها إلا المغرب في الصحو، والعصر والعشاء في حال الغيم، فيستحب تقديمهما.

وذكر بعض المالكية وجهًا لاختصاص استحباب تأخير الظهر والمغرب والصبح في الغيم: أن هذه الصلوات لا تشارك ما قبلها، فلا يصليها حتى يتيقن دخول الوقت، بخلاف العصر والعشاء فإنها تشارك ما قبلها في الوقت لهذا استحب تعجيلها اكتفاء بغلبة الظن (٢).

وهو قريب من تعليل بعض المتأخرين من الحنابلة: بأن تعجيل الثانية قبل الوقت جائز في حال الجمع للأعذار، والاشتباه في الوقت نوع من العذر.

وقد نص أحمد على أن المسافر حال اشتباه الوقت عليه في الصحو أيضًا يؤخر الظهر ويعجل العصر؛ لهذا المعنى، وهو يدل على أنه يجوز تعجيل الثانية من المجموعتين، وإن لم يتيقن دخول وقتها (٣).

وانفرد بعض الحنابلة بذكر علة أخرى للحكم: أن الغيم مظنة المطر، فاستحباب التأخير دفعًا للحرج والمشقة؛ ليكون الخروج لهما واحدًا، ولهذا


(١) بدائع الصنائع (١/ ١٢٦).
(٢) انظر: مواهب الجليل (١/ ٤٠٥).
(٣) انظر: فتح الباري لابن رجب (٤/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>