للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ونوقش هذا:

بأن دخوله في الصلاة وهو يدافع الأخبثين، إما أن يؤدي إلى الإخلال بركن أو شرط أو لا.

فإن أدى إلى ذلك حرم الدخول في الصلاة في هذه الحال من حيث الحكم التكليفي.

فإن دخل في الصلاة واختل ركن أو شرط فسدت الصلاة بذلك الاختلال، لا بمدافعة الأخبثين.

وإن لم يُؤَدِّ إلى ذلك فصلاته مكروهة، وقول القاضي عياض: إن بلغ به ما لا يعقل صلاته ولا يضبط حدودها: إن أراد بذلك الشك في شيء من الأركان، فحكمه حكم من شك في ذلك بغير هذا السبب، وهو البناء على اليقين.

وإن أراد به أنه يذهب الخشوع بالكلية فحكمه حكم من صلى بغير خشوع، ومذهب جمهور الأمة أن ذلك لا يبطل الصلاة (١).

والخشوع في الصلاة إن كان المراد به سكون الجوارح؛ لأن حركة الجوارح تخالف الخشوع، وقد قال تعالى: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [فصلت: ٣٩]. فجعل حركتها في مقابل خشوعها، فهذا لا تأثير لمدافعة الأخبثين أو حضور الطعام عليها، فيمكن للمصلي أن يحافظ على جوارحه ساكنة، وإن كان يدافع الأخبثين، أو كان يتشوف إلى الطعام.

وإن كان المقصود بالخشوع حضور القلب، فهذا مختلف في وجوبه، والأكثر على عدم الوجوب وحكاه النووي إجماعًا، كما حكى الإجماع على أن الصلاة لا تبطل، ولا يصح الإجماع في الموضعين (٢).

وعلى القول بوجوبه فهو ليس واجبًا للخروج من عهدة التكليف وأداء الواجب، وإنما هو شرط لحصول الثواب عند الله، فالتقصير فيه ينقص من ثواب الصلاة بمقدار ما نقص له من خشوعها، ولا يبطل الصلاة، وتعمده يجعل المصلي


(١) انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ١٨٠).
(٢) المجموع (٣/ ٣١٤)، وقال في موضع آخر (٤/ ١٠٢): «وقد نقل الإجماع على أنها لا تبطل، وأما الكراهة فمتفق عليها».

<<  <  ج: ص:  >  >>