للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتفويت الخشوع الذي هو لب الصلاة وروحها: إن أذهَبَ كمالَهُ فالصلاة صحيحة مع الكراهة.

وإن أذهب كامل الخشوع كان الدخول في الصلاة مبنيًا على حكم من صلى بغير خشوع، وفيه خلاف بين الفقهاء، ومذهب الأئمة الأربعة على استحباب الخشوع في الصلاة، وحكي إجماعًا، فيكون فواته لا يبطل الصلاة، والله أعلم (١).

قال النووي: «في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع وكراهتها مع مدافعة الأخبثين وهما البول والغائط، ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب، ويذهب كمال الخشوع، وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك، وفي الوقت سعة، فإذا ضاق بحيث لو أكل، أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز تأخيرها» (٢).

الدليل الثاني:

(ح-٤٣١) روى البخاري من طريق عبيد الله، عن نافع،

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله : إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه. وكان ابن عمر: يوضع له الطعام، وتقام الصلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام (٣).

وفي هذا الحديث دليل على فضيلة تقديم حضور القلب في الصلاة على فضيلة أول الوقت، وهكذا ينبغي تقديم كل فضيلة تتعلق بذات العبادة على ما يتعلق بمكانها، أو أول وقتها.

فالوقوف عن يسار الإمام مع إدراك جزء من العبادة أفضل من تَطَلُّبِ الوقوف عن يمين الإمام إذا كان ذلك يفوت جزءًا من العبادة؛ لأن إدراك جزء من العبادة أفضل


(١) انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٣٠٤)، إحكام الأحكام بشرح عمدة الأحكام (١/ ١٨٠)، الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (١/ ١٧٩).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ٤٦).
(٣) صحيح البخاري (٦٧٣)، وروى مسلم المرفوع منه (٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>