للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل التاسع:

حكي الإجماع على وجوب القضاء على من ترك الصلاة حتى خرج وقتها، إلا ما يروى عن الحسن البصري.

قال محمد بن نصر المروزي: «إذا ترك الرجل صلاةً متعمدًا حتى يذهب وقتها فعليه قضاؤها، لا نعلم في ذلك اختلافًا، إلا ما يروى عن الحسن» (١).

وقال ابن قدامة: «ولا نعلم بين المسلمين خلافًا في أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها» (٢).

وقال النووي: «أجمع العلماء الذين يُعْتَدُّ بهم على أن من ترك صلاةً عمدًا لزمه قضاؤها، وخالفهم أبو محمد علي بن حزم» (٣).

ولكون الإجماع في وجوب القضاء مستفيضًا ذهب أبو منصور البغدادي إلى كفر من يقول: لا يجب عليه القضاء.

قال في كتابه الفَرْقُ بين الفِرَقِ في معرض رده على المعتزلة: «ومنها: أنه زعم أن من ترك صلاة مفروضة عمدًا لم يصح قضاؤه لها، ولم يجب عليه قضاؤها، وهذا يعني القول به عند سائر الأمة كفر ككفر من زعم أن الصلوات الخمس غير مفروضة» (٤).

وأبو منصور البغدادي من علماء الأصول، وما حمله على ذلك أن حكاية الإجماع على وجوب القضاء مستفيضة، ولعله لم يطَّلِعْ على خلاف الحسن، فاعتبر مخالفة الإجماع كفرًا، والخلاف ثابت، إلا أن لكلام أبي منصور دلالة يؤخذ منه شذوذ القول بإسقاط القضاء. وهذا ما جعل ابن عبد البر وابن رشد الحفيد يصفان القول به بالشذوذ.

قال ابن عبد البر واصفًا من قال بهذا: «خرج عن جماعة العلماء من السلف


(١) تعظيم قدر الصلاة (٢/ ٩٧٥).
(٢) المغني (٢/ ٢٩٧).
(٣) المجموع (٣/ ٦٧).
(٤) الفرق بين الفرق (ص: ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>