لا تلازم بين وجوب القضاء وبين وجوب التوبة لاستحقاقه الإثم على التأخير، فَهَبْ أن النائم حين قام، والناسي حين تذكر لم يقضيا الصلاة في الحال، فقد خالفا الأمر الشرعي بقوله ﷺ:(فَلْيُصَلِّهَا) والأمر يقتضي الفورية، وقوله:(إذا ذكرها)، إذا: ظرف، يعني: أن وقت القضاء هو وقت تذكرها، ولو أخرها عن ذلك لَأَثِمَ، لقوله:(لا كفارة لها إلا ذلك)، والقضاء لا يكفر إثم التأخير على القول بوجوب الفورية خلافًا للشافعية، فكذلك المتعمد على ترك الصلاة، يأثم بتأخيره، ولا يسقط عنه القضاء، فوجوب التوبة عليه ليس بدلًا عن وجوب القضاء، فكذلك المتعمد، وجوب القضاء عليه ليس كفارة للتأخير.
ومثله المصلي إذا أخر الصلاة، وهو غير معذور عن وقت الاختيار إلى وقت الاضطرار، فالجمهور يقولون: يأثم بالتأخير، وليس فعل الصلاة كفارة عن التأخير، فلا تلازم بين وجوب الصلاة، وبين وجوب التوبة؛ لاستحقاقه الإثم على التأخير.
ومثله النائم ينام بعد دخول وقت الصلاة مع غلبة ظنه أنه لا يقوم من نومه بالوقت، فإنه يحرم عليه النوم، ويأثم إذا نام، ويجب عليه القضاء إذا قام، فوجوب القضاء ليس مشروطًا بكون القضاء رافعًا للإثم.
ومثله لو ترك الجمعة عامدًا فإنه يأثم بذلك، ويجب أن يصلي الظهر، وصلاتها ظهرًا ليس كفارة لتعمد تركه الجمعة، فيجب عليه التوبة لتركه الجمعة، ويجب عليه صلاة الظهر.
وإذا شرب المسكر فإنه لا يصلي، ولو خرج الوقت ما دام سكران، فإذا خرج الوقت أثم بتفويته الصلاة، ولم يسقط عنه القضاء، ولم يخالف أحد في جوب القضاء عليه إلا ابن تيمية في أحد القولين عنه، ونسب بعض الحنابلة المتأخرين القول به لأبي ثور، ولا يصح عنه، وقد بحثت هذه المسألة في مبحث مستقل، والحمد لله، والأمثلة كثيرة.
الوجه الرابع:
قد يكون الشارع خص النائم والناسي ليس لأن غير المعذور لا يقضي، وإنما