للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويجاب عن هذا الرد من وجوه:

الوجه الأول:

إبطال القضاء على المتعمد؛ لأنه لن يكون كفارة كما في حق النائم والناسي غير سديد؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها مركب من أمرين: ترك الصلاة، وتأخيرها عن وقتها.

وقضاء الصلاة إذا وقع من العبد كان كفارة لتركها، وتبرأ ذمته منها إذا فعلها، وأما كفارة تأخيرها عن وقتها فلا يكفر ذلك إلا التوبة؛ لعدم إمكان تدارك الوقت، فما أمكن تداركه صح فعله كفارة، وما لا يمكن تداركه وجبت التوبة من التفريط فيه، ولا يصح أن يقال: إذا لم يمكن تدارك الوقت لا يمكن تدارك قضاء الصلاة؛ لأني قد أثبَتُّ لك أن الوقت بالنسبة للصلاة ليس هو بمنزلة الوقت بالنسبة للحج والرمي، ولأن النائم أيضًا لا يمكنه تدارك الوقت، ولكنه رفع عنه الإثم، ولم يطلب منه التوبة؛ لأنه معذور بتفويت الوقت، بخلاف المتعمد فإن المطلوب منه أمران: القضاء والتوبة، وما أكثر العبادات التي يجتمع فيها وجوب القضاء مع وجوب التوبة، وسيأتي أمثلتها في الوجه الثالث من هذا الرد إن شاء الله تعالى.

الوجه الثاني:

أن قوله (لا كفارة لها إلا ذلك) الكفارة في حق النائم والناسي ليس لرفع إثم مستحق، للاتفاق أن النائم والناسي لا يأثم بتركه الصلاة حال النوم والنسيان، إذن ما معنى (لا كفارة لها … ) هو نفي حاجة الفعل للكفارة إلا أن عليه قضاء الصلاة، فلما كان بعض الواجبات إذا فات وقتها ربما لزمه مع القضاء كفارة، كما في بعض واجبات الحج، فأراد الرسول إخبار النائم أنه ليس عليه كفارة إلا القضاء، فكأن المستثنى منقطع؛ لأن القضاء ليس كفارة في الحقيقة لأن النائم والناسي بالإجماع لم يرتكب ما يوجب الكفارة، فهو مرفوع عنه التكليف حال النوم والغفلة، وليس عليه بدل آخر غير فعلها، وعليه أن يصلي ما فاته في الحال، إشارة إلى الفورية في القضاء، فلا يصح الاستدلال بقوله (لا كفارة) على سقوط القضاء عن المتعمد بحجة أن مدار وجوب القضاء على قدرة القضاء على تكفير الفعل، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>