إذا كان لا يجوز له التقليد إذا اجتهد، وظن الحكم اتفاقًا، فكذلك قبل الاجتهاد، والجامع بينهما أهلية الاجتهاد، ولا أثر للفرق بينهما بأن ذلك قد اجتهد؛ لأن المانع تمكن المجتهد من معرفة الحكم بالاجتهاد، وهو موجود في الحالين.
• وأجيب:
الحاصل بعد الاجتهاد ظن أقوى وأرجح من الحاصل قبله، ولا يلزم من منع المانع القوي منع غيره، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن هذا نظر في مقابل ما هو كالإجماع في جواز تقليد المؤذن مطلقًا، ولم يفرق المسلمون بين أذان المؤذن وقت الصحو، وحال الغيم، مع أنه في الثاني يخبر عن ظن.
الدليل الخامس:
أنه ربما لو اجتهد لتبين له خطأ من قلده، فكيف يجوز أن يعمل بما يعتقده خطأ.
• ويناقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول:
إذا جوزنا له تقليد غيره، فإن ذلك مشروط ألا يوجد منه اجتهاد في ذلك الحكم بنفسه، فإن وجد منه اجتهاد تعين ما صار إليه اجتهاده، وسقط التقليد.
الوجه الثاني:
بأن الأصل عدم الخطأ من المجتهد؛ واستصحاب ذلك إلى أن يتبين الخطأ، ولولا ذلك لما كلفه الشارع بالاجتهاد، ولما ساغ للعامِّيِّ تقليدُه.
الوجه الثالث:
ليس من شرط الاجتهاد الإصابة، فلا يلزم من اجتهاد الثاني أن يصيب الحق، فقد يجتهد ويخطئ، ويكون الصواب مع الأول، وقد يتفق معه في الاجتهاد، وقد يجتهد ولا يتبين له شيء، لهذه الاحتمالات كان التقليد من المجتهد للعالم جائزًا قبل الاجتهاد.