للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كمسح الخف وغسل الرجل، فلا يتوقف التقليد على العجز عن الاجتهاد، هذا من جهة ومن جهة أخرى: هل معرفة دخول الوقت من الفروض العينية المطلوبة من كل مكلف، أو المطلوب معرفة دخول الوقت ولو من أحد المجتهدين؟

فالأول غير مراد بدليل جواز تقليد المجتهد للمؤذن إذا أذن في حال الغيم، فإنه يخبر عن ظن، ومع ذلك جاز تقليده على الصحيح، فكذلك هنا، ولو كان التقليد بمنزلة التيمم من الوضوء ما ساغ تقليد المؤذن.

الدليل الثالث:

إذا كانت القدرة على اليقين تمنع من الاجتهاد، فكذلك القدرة على الاجتهاد تمنع من التقليد (١).

• ويناقش:

قولهم: القدرة على اليقين تمنع من الاجتهاد. هذا قول الجمهور، والصواب خلافه، و الصحيح أن المتيقن لا يجتهد، وأما القادر على الاجتهاد فهذا له التقليد؛ فهناك فرق بين المتيقن وبين القادر على اليقين، فالقادرعلى اليقين يتطلب جهدًا ومشقةً لتحصيل المعرفة، وقد تثمر معرفة، وقد لا تثمر، فمثل ذلك لا يمنع من التقليد.

ولقد كان الصحابة يستفتي بعضهم بعضًا مع قدرتهم على الرجوع إلى الرسول ، وهو من العمل بالظن مع القدرة على اليقين، ولو بلغتهم سنة الرسول لم يعدلوا عنها لغيرها.

وإذا تبين أن الأصل مرجوح فكذلك ما بني عليه، فالقدرة على الاجتهاد لا تمنع من التقليد على الصحيح، وإنما الذي يمنع من التقليد أن يجتهد وينظر في الدليل، ويترجح له شيء، ثم يدع ما غلب على ظنه ويخالفه تقليدًا لغيره (٢).

وأما قبل أن يجتهد وينظر في الدليل فلا يمنع المجتهد من تقليد مجتهد آخر خاصة في أوقات الصلوات.


(١) انظر: أسنى المطالب (١/ ١٢٠).
(٢) الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع (٣/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>