للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الثاني:

القول بأنه يشترط أن يعلم دخول الوقت بنفسه، حتى لو أخبره أحد بدخول الوقت عن علم لا يسعه تقليده، هذا القول في غاية الشذوذ، فالمصلي إذا أوقع الصلاة في الوقت فقد حصل المقصود، سواء أعلم المصلي بدخول الوقت بنفسه أم كان ذلك بالاعتماد على خبر المؤذن؟

وما شرع الأذان إلا لتحصيل العلم بدخول الوقت عن طريق المؤذن، وإذا كان الأذان الذي يعتمد عليه في دخول وقت الصلاة من فروض الكفايات لم يكن العلم بدخول الوقت من فروض الأعيان.

الوجه الثالث:

أن هذا اجتهاد في مقابل النص.

(ح-٤٠٩) فقد روى البخاري من طريق ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله،

عن أبيه، أن رسول الله قال: إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت (١).

وجه الاستدلال:

دل الحديث على أنه لا يشترط علم المؤذن بنفسه بدخول الوقت، وإذا جاز للمؤذن أن يقلد، ولو أمكنه الاجتهاد، جاز للمصلي أن يقلد، ولو أمكنه الاجتهاد.

وقد نص الحديث على وجوب الإمساك عند سماع الأذان مطلقًا، حتى ولو كان يمكنه معرفة ذلك بنفسه.

القول الثالث:

يجوز تقليده في يوم الصحو؛ لأنه يخبر عن مشاهدة، ولا يجوز تقليده في يوم الغيم؛ لأنه يخبر عن اجتهاد، إلا إذا كثروا وغلب على الظن لكثرتهم أنهم لا يخطئون، وهو وجه في مذهب الشافعية، اختاره الرافعي (٢).


(١) صحيح البخاري (٦١٧)، ورواه مسلم (١٠٩٢) دون قوله: (أصبحت أصبحت).
(٢) روضة الطالبين (١/ ١٨٥)، مغني المحتاج (١/ ٣٠٧)، الحاوي الكبير (٢/ ١٣)، فتح
العزيز (٣/ ٥٨، ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>