إذا قُبِل خبر الراوي بشرطه قُبل خبر المؤذن بشرطه بجامع أن كلًّا منهما خبر شرعي صرف، بل إن قبول خبر المؤذن أولى من قبول خبر الراوي، فالأذان خبر يتعلق بالحس والمشاهدة، والرواية خبر يعتمد على سلامة السماع والفهم والضبط والحفظ، والوهم يدخل الثاني أكثر من الأول.
ومن قاس خبر الأذان على الشهادة فقياسه غير صحيح؛ لأن الشهادة حق لآدمي معين فيحتاط لها.
الدليل السادس:
صلى بعض الصحابة قبل الوقت، وأفطروا في يوم غيم ثم طلعت الشمس، فدل على أن الظن محكَّم في دخول وقت الصلاة والصيام والإفطار، ولو اشترط اليقين لم يقع، وإذا جاز الاعتماد على غلبة الظن في دخول الوقت جاز تقليد المجتهد في دخوله اعتمادًا على غلبة الظن.
القول الثاني:
لا يجوز تقليد المؤذن بل يجب أن يَعْلم ذلك بنفسه، إلا أن يكون المؤذنون عددًا في جهات شتى لا يجوز على مثلهم الغلط والتواطؤ، فهذا مما يقع به العلم، فيجوز له قبولهم في دخول الوقت، حكاه الماوردي ونسبه للشافعي (١).
• حجة هذا القول:
أن القادر على العلم بنفسه لا يسوغ له تقليد غيره، حتى ولو كان يخبر عن علم؛ لأن التقليد فريضة العاجز، إلا أن يكون الخبر مستفيضًا لا يجوز على مثلهم الغلط.
• ويناقش من وجوه:
الوجه الأول:
القول بأنه يشترط العلم بدخول الوقت غير مسلَّم، فقد ذكرت من عمل الصحابة ما يدل على أن دخول الوقت يكفي فيه غلبة الظن، فأغنى ذلك عن إعادته.