للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عن أبيه، أن رسول الله قال: إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت (١).

وجه الاستدلال:

أن الصحابة كانوا يعتمدون بعد الله على إخبار ابن أم مكتوم، وهو رجل أعمى، فدل على جواز التقليد في دخول الوقت.

فإن قيل: إن له من يخبره بالوقت، وهو يخبره عن علم.

قيل: إذا جاز تقليده اعتمادًا على ثقة من يخبره، ولو كان المقلِّد قادرًا بنفسه على معرفة الوقت صح الدليل على جواز تقليد الثقة مطلقًا، وهو موضع الاستشهاد.

الدليل الثاني:

الغاية من مشروعية الأذان إعلام الناس بدخول الوقت، فلو امتنع تقليد المؤذن لم تحصل الغاية من مشروعيته.

الدليل الثالث:

الإجماع العملي المتلقى من الصدر الأول إلى يومنا هذا، فما زال الناس يُهْرَعون إلى الصلاة عند سماع الأذان من غير مشاهدة للوقت، أو اجتهاد فيه اعتمادًا على قبول خبر المؤذن، ولم يكن الناس يسألون، هل أخبر عن ظن أو عن اجتهاد؟ ولم يفرقوا بين الأذان حال الغيم وحال الصحو، فكان إجماعًا عمليًّا (٢).

قال ابن القيم: «أجمع المسلمون على قبول أذان المؤذن الواحد» (٣).

الدليل الرابع:

المؤذن يتكرر منه الأذان في اليوم خمس مرات، فأكسبه ذلك خبرة ومعرفة ومهارة ودربة فلا يؤذن عادة إلا في الوقت، بخلاف غيره ممن لم ينتصب للأذان، فكان يجوز في تقليد خبر المؤذن ما لا يجوز مع خبر غيره (٤).


(١) صحيح البخاري (٦١٧)، ورواه مسلم (١٠٩٢) دون قوله: (أصبحت أصبحت).
(٢) انظر: مغني المحتاج (١/ ٣٠٨)، المغني لابن قدامة (١/ ٢٨١)، كشاف القناع (١/ ٢٥٨).
(٣) إعلام الموقعين (٢/ ١٩٣).
(٤) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>