للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الثالث:

صاغ الفقهاء قاعدة فقهية، فقالوا: الظن الغالب ينزل منزلة اليقين (١).

وذلك أن العمل بالظن قائم على اجتهاد صادر من أهله مبنيًا على قرائن وأمارات تقربه من العلم، وتضيِّق احتمال الخطأ، وليس مجرد اتباع الحدس والتخمين، واحتمال الخطأ لا يمنع من العمل بالظن؛ قال : إنما أقضي على نحو ما أسمع، فلو كان احتمال الخطأ مانعًا لانتظر الوحي.

ولأن الأصل عدم الخطأ، ولأن المصلي لو انتظر حتى يتيقن دخول الوقت ربما فاته الحصول على فضيلة أول الوقت، وهي مقصودة شرعًا، ولذا لم يمنع من التيمم أول الوقت، وإن غلب على ظنه حصول الماء في آخر الوقت.

• ونوقش:

بأن الظن في الأحكام الشرعية كالقطع، وفي أسبابها ليس كذلك، ودخول الوقت من الأسباب.

ولهذا لا يعمل الظانُّ بظنه في استباحة الصيد إذا اشترك مع الجارح المعلَّم غيرُه مما لم يرسله، ولو ظَنَّ أن القاتل هو المعلَّم، ويعمل بظنه في الصلاة؛ لأن الظن في الصلاة تعلق بعين الحكم الشرعي، فهو كالقطع، وفي الصيد تعلق بسببه، فلا يعمل به (٢).

• ورد هذا:

بأن الحدث سبب في وجوب الوضوء، ويعمل فيه بالظن كما لو نام، فالنوم مظنة الحدث، وليس حدثًا، فلو كانت الأسباب لا يعمل فيها بالظن حتى يتيقن لم يبطل الوضوء.

وسوف يأتي الجواب عن تحريم استباحة الصيد بالظن في أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى.


(١) انظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (١/ ١٠٩).
(٢) القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (٢/ ٨٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>